“بعيدة عن اهتماماتهم”.. “جيل Z” يقرع أبواب دُور الشباب المغلقة
أحيت احتجاجات حركة “جيل Z” النقاش من جديد حول تراجع الدَّور الذي كانت تلعبه دُور الشباب في زمن مضى، وذلك بعدما رفع المحتجون شعارات، في الوقفة التي نظمتها “حركة GenZ212” يوم الأحد 26 أكتوبر 2025 بالدار البيضاء، تستنكر “انسحاب” هذه المؤسسات الثقافية من أداء دورها في تأطير الشباب وتكوينه وصقل مواهبه.
وقد رفع شباب “جيل Z” خلال هذه الوقفة الاحتجاجية صورا لوزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد، محملين إياه مسؤولية تدهور وضعية هذه المؤسسات وتراجع دورها المجتمعي، الذي دأبت عليه لعقود طويلة، في تأطير الطفولة والشباب، وصون الرأسمال الثقافي والفني والرياضي.
ويبلغ عدد مؤسسات دور الشباب بالمغرب، “687 مؤسسة، منها 394 بالمجال الحضري و 293 بالمجال القروي، تؤدي وظائفها ومهامها في ظروف جيدة”، حسب وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد في جوايه على سؤال كتابي للنائب البرلماني نبيل الدخش.
ويبدو أن “الإشكالية لا تتعلق بالعدد بقدر ما ترتبط بطبيعة الخدمات المقدمة داخل هذه المؤسسات الموجهة إلى فئة الشباب”،وفق ما أكده الفاعل الجمعوي يوسف حمانة، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”.
وأوضح يوسف حمانة، أن “الخلل يكمن في عدم مواكبة هذه المؤسسات لتطورات العصر، ما جعلها بعيدة عن اهتمامات الشباب”، مبرزا أن “الطرق التقليدية التي ما زالت تعتمدها دور الشباب جعلتها تفقد بريقها، خاصة في ظل تغير اهتمامات الجيل الجديد بما يتلاءم مع تطورات زمنه”.
وفي هذا الصدد، قال الوزير بنسعيد في جوابه، إن دور الشباب بالمملكة “تؤدي وظائفها ومهامها في ظروف جيدة”، مبرزا أن الوزارة “تحرص دائما على مواكبة تطلعات الشباب وانتظاراتهم من خلال تسطير برامج ثقافية وتربوية وفنية هادفة تحتضنها هذه المؤسسات”.
غير أن حمانة أشار في مقابل ذلك، إلى أن “غياب المعلوميات والرقمنة، إلى جانب ضعف الأنشطة الجاذبة، جعل هذه الدور تفقد قدرتها على استقطاب الشباب، بخلاف أنشطة مثل حفظ الأناشيد التي لم تعد تستهويهم كما في الماضي”.
ولذلك، شدد المتحدث على ضرورة تحديث أساليب التأطير والتفاعل مع الشباب، داعيا المؤطرين إلى تجديد طرقهم التقليدية بما يتماشى مع روح العصر.
كما لفت الفاعل الجمعوي أيضا إلى “الفراغ الكبير الذي تعرفه هذه المؤسسات اليوم، والتي من المفترض أن تُعنى بصقل مواهب الأطفال والشباب، على خلاف ما كان عليه الحال سابقا، حين كانت دور الشباب تزخر بالعروض والأنشطة الجمعوية خلال عطلة نهاية الأسبوع”.
ومن جانبه، أكد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، أن “دور الشباب لم تعد تعبر عن هذا الجيل، ولم تعد تمنحه المساحة التي يبحث عنها للخلق والإبداع والنقاش”.
ويرى في هذا السياق، أن “الحركة الشبابية، حينما توجه انتقاداتها لهذه المؤسسات، فهي في العمق تنتقد نموذجا قديما من الوساطة والتأطير، وكذا من التكوين والتربية، لم يعد قادرا على بناء الثقة أو احتضان الطاقات الجديدة”.
وأضاف أن “العديد من دور الشباب، رغم المجهودات التي تبذلها بعض الأطر النزيهة، لم تستطع مواكبة التحولات الثقافية والرقمية والاجتماعية التي يعيشها الجيل الجديد”.
واعتبر الناشط الحقوقي ذاته، أن “هذه المؤسسات ما زالت تشتغل ببرامج تقليدية لا تستجيب لتساؤلات الشباب حول المواطنة، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والهوية الرقمية”، مبرزا أنها “حبيسة مشاكل بنيوية أنهكت وظائفها وأضعفت قدرتها على التأطير والتأثير”.
ومن جانب آخر، أشار تشيكيطو إلى أن “ضعف الميزانية المخصصة لدور الشباب، وقلة المناصب المالية الموجهة لتوظيف أطر مختصة، من بين الأسباب التي حولت هذه الفضاءات إلى مؤسسات ذات بنية هشة لا تستجيب لاهتمامات الجيل الجديد، مما أدى إلى إغلاق عدد منها بسبب غياب الكفاءات المؤهلة”.
وفي غضون ذلك، شدد تشيكيطو على أن “إعادة الاعتبار لدور الشباب لن تتحقق بترميم الجدران أو بتنظيم أنشطة موسمية، بل بتجديد فلسفة الاشتغال ذاتها، وجعل هذه الفضاءات مختبرات حقيقية للأفكار، ومنصات للنقاش المفتوح، ومجالات للتدريب على المبادرة والقيادة”.