بعد سنوات بالأسر.. محمد مرتجى يعود لغزة بدموع الفرح
بعد سنوات أمضاها في السجون الإسرائيلية، عاد الأسير الفلسطيني المحرر محمد مرتجى إلى قطاع غزة ضمن صفقة تبادل “طوفان الأحرار”، وسط استقبال حافل اختلطت فيه مشاعر الفرح بالدموع، في لحظة طال انتظارها لعائلته وأصدقائه.
وبمجرد أن وطأت قدماه أرض القطاع، وقف مرتجى داخل الحافلة التي أقلته من سجون إسرائيل، محاطا بأضواء الكاميرات ودموع الأحبة، وقد بدت عليه ملامح رجل أنهكته السنون ورسمت على وجهه تجاعيد المعاناة وذرفت عيناه دموعا امتزج فيها وجع الفراق بفرحة العودة.
وفي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، احتشدت جموع من الأهل والأصدقاء لاستقبال الفلسطيني المحرر، مرددين هتافات التكبير وأهازيج الترحيب.
وبينما كان يحدق في الوجوه المتلهفة لرؤيته، رفع يده إلى رأسه في إيماءة عرفان وشكر، تعبيرا عن امتنانه لكل من جاء لمشاركته لحظة الحرية المنتظرة.
سنوات من الاعتقال
مرتجى، البالغ من العمر 47 عاما، هو المدير السابق لمكتب وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” في قطاع غزة متزوج وأب لأربعة أبناء.
اعتقل في 12 فبراير 2017، أثناء مغادرته قطاع غزة عبر معبر “إيرز” متوجها إلى العاصمة التركية أنقرة للمشاركة في مؤتمر تدريبي لموظفي “تيكا”.
محاكمة “قاسية”
وبعد عام من اعتقاله، قضت محكمة إسرائيلية بسجنه فعليا تسع سنوات، بتهم بينها “العضوية في حركة حماس” و”تقديم مساعدات للفلسطينيين في غزة”.
وخلال مدة اعتقاله، نفى مرتجى هذه التهم بشكل قاطع، مؤكدا أن عمله في “تيكا” كان إنسانيا بحتا، يهدف إلى دعم الأسر الفقيرة والمتضررة في غزة.
وحسب محاميه خالد زبارقة، فإن الحكم على مرتجى الذي أصدرته المحكمة المركزية الإسرائيلية في بئر السبع كان “قاسيا”.
وأوضح عقب الحكم في ذلك الوقت أن النيابة الإسرائيلية وجهت في البداية 21 تهمة ضد مرتجى، لكن المحكمة أدانته بـ6 منها، وتم شطب الباقي.
وشملت الاتهامات الموجهة إليه “العضوية في حركة حماس”، و”توجيه عناصر من الحركة للاستفادة من مساعدات تيكا بين عامي 2014 و2015″، و”النشاط في مؤسسة (IHH) التركية”، و”توزيع مساعدات إنسانية خلال الحرب”، و”توزيع سلال غذائية على المحتاجين”، و”تنظيم حفلات زفاف جماعي للفلسطينيين في غزة”.
معاناة خلف القضبان
وخلال سنوات اعتقاله، واجه مرتجى ظروفا قاسية، حيث اشتكى من الإهمال الطبي الذي وصفته عائلته بـ”المتعمد”.
فقد كان يعاني من آلام شديدة في الظهر والحلق لعدة أشهر دون تلقي العلاج اللازم، ما دفع عائلته إلى مناشدة المؤسسات الحقوقية للتدخل العاجل.
كما حُرم من زيارة عائلته منذ عام 2018، ولم يتمكن من رؤية زوجته وأطفاله الأربعة طوال فترة سجنه.
وفي ظل سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إدارة السجون الإسرائيلية، لم يُسمح له حتى بإجراء مكالمات هاتفية مع عائلته، وهو ما يتنافى مع القوانين الدولية التي تكفل حقوق الأسرى.
ورغم المعاناة الطويلة، عاد مرتجى إلى غزة بدموع الفرحة، محاطا بأحبته الذين احتفوا بعودته بحرارة، يطوي صفحة الأسر لاستعادة حياته بين عائلته التي انتظرته طوال السنين الماضية.
وأفرجت إسرائيل، السبت، عن 183 فلسطينيا بينهم 18 محكوما بالمؤبد و54 من ذوي الأحكام العالية بينهم الحلبي، و111 من فلسطينيي غزة المعتقلين بعد 7 أكتوبر 2023، مقابل تسليم 3 أسرى إسرائيليين في غزة.
وفي 19 يناير المنصرم، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار الذي يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي، بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
*الأناضول