story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

بزيادة 11%.. تقرير يسجل نحو 17 ألف طلب لتزويج القاصر بالمغرب

ص ص


شهدت سنة 2024 ارتفاعًا في عدد طلبات الإذن بزواج القاصر بالمغرب، وفقًا لمعطيات التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، الذي كشف أن مجموع الطلبات الرائجة خلال السنة بلغ 16.960 طلبًا، مسجلًا زيادة قدرها 11% مقارنة بسنة 2023 (أي 1641 طلبًا).

ويعكس هذا المنحى التصاعدي، حتى وإن بدا محدودًا من حيث النسبة، استمرار حضور الظاهرة داخل المنظومة القضائية والاجتماعية، ما يجعل من الاستثناء القانوني ممارسة متكررة في عدد من الحالات.

وتوضح المعطيات أن الرصيد الرائج في 2024 تشكل أساسًا من ملفات السنة نفسها، إذ سُجلت 16.735 طلبًا خلال 2024، مقابل 225 طلبًا مخلفًا عن سنة 2023، ليصل المجموع إلى 16.960.

هذا التفصيل يبرز أن الظاهرة ليست مجرد تراكم ملفات قديمة، بل إن الجزء الأكبر منها مرتبط بتدفق جديد للطلبات خلال السنة، ما يعني أن الأسباب الدافعة إلى تقديمها ما تزال قائمة، سواء تعلقت بالهشاشة الاقتصادية أو بالضغوط الأسرية أو باعتبارات اجتماعية وثقافية تختلف من وسط لآخر.

ومن أبرز ما تكشفه أرقام التقرير، الفارق الكبير حسب الجنس، إذ تكاد طلبات تزويج القاصر ترتبط بالقاصرات بشكل شبه كلي. إذ بلغ عدد الطلبات الخاصة بالإناث 16.710 طلبًا، مقابل 250 طلبًا فقط تخص الذكور.

وفي محاولة لضبط هذا النوع من الملفات، يعكس التقرير حضورًا لآليات التقصّي والتحريات التي تطلبها النيابة العامة قبل البت، بما يشير إلى التعامل مع هذه القضايا باعتبارها حساسة وتستلزم تدقيقًا إضافيًا.

وفي هذا الصدد، سُجلت 1.836 حالة طُلب فيها بحث اجتماعي، و2.642 حالة خبرة طبية أولية، و375 حالة خبرة طبية ثانية، إضافة إلى 6.039 حالة جُمِع فيها بين البحث الاجتماعي والخبرة الطبية.

وتوحي هذه الأرقام بأن جزءًا مهمًا من الملفات يُفترض ألا يمر بشكل آلي، بل يخضع لمحاولات استجلاء الوضع الأسري والاجتماعي والصحي للقاصر، مع ما يرافق ذلك من تقدير لمدى توفر “المصلحة” وغياب الإكراه أو الاستغلال.

ومن أهم ما يلفت في معطيات التقرير هو اتجاه النيابة العامة في ملتمساتها داخل هذه الملفات. إذ تشير الأرقام خلال 2024 إلى أن النيابة العامة تقدمت بما يقارب 10.892 ملتمسًا يروم إجراء بحث اجتماعي وإخضاع القاصر لخبرة طبية عند الاقتضاء، وفي الوقت ذاته تقدمت بما مجموعه 11.997 ملتمسًا يرمي إلى التصريح برفض الإذن بزواج القاصر.

في المقابل، لم تتجاوز الملتمسات الرامية إلى الاستجابة 637 ملتمسًا. ويعكس هذا التفاوت الكبير ميلًا مؤسساتيًا واضحًا نحو التشدد أو على الأقل نحو الدفع باتجاه حماية أكبر من خلال الاعتراض على منح الإذن، أو اشتراط تعميق الفحص قبل اتخاذ القرار.

وعند الانتقال إلى مستوى مقررات الجهات القضائية المختصة، تُظهر نتائج 2024 أن الاستجابة للطلبات ما تزال مرتفعة من حيث العدد. بحيث سُجلت 10.671 حالة استجابة، مقابل 4.961 حالة رفض، إضافة إلى 883 حالة عدم قبول و95 حالة عدم اختصاص، بينما ظل 350 ملفًا في طور الإجراءات.

هذا المعطى يفتح بابًا لتحليل الفجوة بين موقف النيابة العامة، التي تتقدم بعدد كبير من ملتمسات الرفض، وبين مآلات جزء معتبر من القضايا التي تنتهي بالاستجابة قضائيًا.

وفي ما يرتبط بمآلات الطعون، يشير تقرير رئاسة النيابة العامة إلى أن عدد مقررات رفض الإذن بزواج القاصر المستأنفة بلغ 60 مقررًا خلال سنة 2024.

ويعكس هذا المعطى أن جزءًا من قرارات الرفض لا تتوقف عند حدود الحكم الابتدائي، بل تنتقل إلى درجة التقاضي الأعلى، بما يفتح نقاشًا حول دوافع الاستئناف وحدود تقدير “مصلحة القاصر” بين مختلف درجات القضاء، وكذا أثر ذلك على توحيد الممارسة القضائية في هذا النوع من الملفات.

في المحصلة، ترسم أرقام 2024 صورة مركبة؛ من جهة هناك ارتفاع في الطلبات وتغلب شبه مطلقة للقاصرات ضمنها، ومن جهة ثانية تظهر النيابة العامة ميلاً قويًا إلى ملتمسات الرفض أو إلى تشديد إجراءات التقصي، بينما تستمر المحاكم في إصدار عدد كبير من قرارات الاستجابة.

وبين هذين الاتجاهين، تبرز الحاجة بحسب مراقبين إلى نقاش عمومي وسياساتي أوسع حول أسباب استمرار تقديم الطلبات، وحول فعالية التدابير الموازية للقانون، خاصة ما يرتبط بدعم الأسر الهشة، ومحاربة الهدر المدرسي، وتعزيز التوعية والحماية الاجتماعية.