story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

النقابات تصر على إلغاء تسقيف سن التوظيف بعد رفعه إلى 35 سنة

ص ص

بعد إعلان وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن رفع سن الترشح لمباريات توظيف أطر التدريس من 30 إلى 35 سنة، جددت العديد من الهيئات النقابية مطالبها بإلغاء تسقيف سن التوظيف نهائيًا، “كونه يعد خرقًا للدستور والقانون الأساسي للوظيفة العمومية” الذي يحدد سن التوظيف الأقصى في 45 سنة.

وترى النقابات التعليمية والفاعلون في المجال أن هذا القرار “لا يُمثل استجابة حقيقية لانتظارات الشباب المغربي”، بل “يُكرّس الإقصاء ويُعمّق أزمة الثقة في سياسات الوزارة”، داعين إلى فتح باب المباريات أمام جميع حاملي الشهادات دون تمييز عمري، وجعل الكفاءة والاستحقاق المعيار الوحيد للولوج إلى مهنة التعليم، في انسجام مع مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في الدستور المغربي.

وفي هذا السياق، قال الكاتب العام للجامعة المغربية للتعليم – التوجه الديمقراطي، عبد الله أغميمط، إن قرار وزارة التربية الوطنية بتحديد سن التوظيف في 35 سنة “خطوة غير كافية ولا تستجيب لتطلعات الشباب المغربي”، معتبرًا أن القرار “يكرّس الإقصاء ويعمّق أزمة الثقة بين الوزارة وفئة واسعة من حاملي الشهادات العليا”.

وأوضح أغميمط، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الرفع من سن التوظيف من 30 إلى 35 سنة لا يحقق العدالة المنشودة، لأن النظام الأساسي للوظيفة العمومية ينص على أن السن الأقصى للتوظيف هو 40 سنة، بل إن بعض القطاعات الأخرى تسمح بالتوظيف حتى 45 سنة.

وأضاف أن “الشباب الذين تجاوزوا 35 سنة يجدون أنفسهم مرة أخرى خارج دائرة التوظيف العمومي، رغم أن الوزارة نفسها رفعت سن الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة”، معتبراً أن هذا التناقض “غير منطقي ويكشف غياب رؤية شمولية لإصلاح القطاع”.

وأشار المتحدث إلى أن “هذا التوجه يعكس منظورًا نيوليبراليًا متحكمًا في تعاطي الدولة مع قطاع التعليم”، باعتباره “مجرد قطاع إنتاجي يخضع لمنطق السوق والمردودية”، بدل أن يكون فضاءً لتأهيل الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأكد أن “السياسات الحالية تسعى إلى استغلال العاملين في التعليم أطول مدة ممكنة مقابل أجور زهيدة، في حين تُقصي فئات عمرية واسعة من الشباب المؤهلين”.

وفي غضون ذلك، انتقد أغميمط ما وصفه بـ“الخضوع الواضح لإملاءات القطاع الخاص ولوبياته”، التي تستفيد من استمرار الهشاشة في سوق الشغل، عبر دفع آلاف الشباب إلى العمل في مؤسسات تعليمية خاصة بأجور ضعيفة وفي ظروف غير مستقرة، بدل فتح باب التوظيف العمومي أمامهم بشروط عادلة.

وأضاف المسؤول النقابي أن “الوزارة والحكومة تواصلان نفس الاختيارات القديمة، رغم الاحتجاجات المتكررة في الشارع، ومواقف الحركة النقابية والديمقراطية والشعبية الرافضة لتسقيف سن التوظيف منذ سنوات”.

وأكد المتحدث أن ما يحدث اليوم هو “استمرار لسياسات يفرضها البنك الدولي وتتحكم في التوجهات العامة للدولة في قطاع التعليم”، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يُفترض أن يكون “قاطرة للمشروع التنموي الوطني وليس مجالاً لتطبيق وصفات مالية خارجية”.

ودعا في ختام حديثه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى إلغاء تسقيف سن التوظيف نهائيًا، وجعل الاستحقاق والكفاءة المعيارين الحقيقيين لولوج مهنة التعليم، “بعيدًا عن أي اعتبارات عمرية أو حسابات إدارية ضيقة”.

من جانبه، قال عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، مصطفى الأسروتي، إن قرار وزارة التربية الوطنية المتعلق بتحديد سن التوظيف في 35 سنة قد يبدو في الظاهر خطوة إيجابية، “لكنه في جوهره استمرارٌ لخرق القانون وحرمان الآلاف من الشباب من حقهم الدستوري في ولوج الوظيفة العمومية”.

وأوضح الأسروتي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن ما تصفه الوزارة بـ”رفع سن التوظيف” ليس في الحقيقة سوى تقليصٍ للسن القانوني، لأن الأصل حسب قانون الوظيفة العمومية هو 45 سنة وليس 35، معتبرًا أن هذا القرار يكرّس التمييز والإقصاء ضد فئة واسعة من الشباب الذين تجاوزوا هذا الحدّ.

وأضاف متسائلًا: “ماذا عن الشباب الذين حُرموا في السنوات السابقة من التوظيف؟ وما ذنب من تجاوزوا 35 سنة اليوم؟”، مشيرًا إلى أن الوزارة “تتلاعب بمشاعر ومستقبل الشباب المغربي”، من خلال تغيير شروط السن كل سنة دون وضوح أو استقرار.

وأكد المسؤول النقابي أن الحل يكمن في تطبيق القانون وفتح باب المباريات في حدود 45 سنة كما كان معمولًا به سابقًا، مع ضمان مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس القائم على الكفاءة والاستحقاق، وليس على السن.

وانتقد المتحدث المبررات التي قدمتها الوزارة، مثل “تشجيع الكفاءات الشابة”، واصفًا إياها بـ”المبررات الواهية”، بحيث أن “الهدف الحقيقي من هذا التوجه يرتبط بمحاولة إنقاذ صناديق التقاعد عبر توظيف فئات عمرية أصغر”، يؤكد الأسروتي، رغم أن هذا المنطق بحسبه، “غير مبرَّر”، لأن الموظف الذي يُوظف في سن الأربعين أو الخامسة والأربعين يساهم بدوره في الصندوق ويدفع مستحقاته.

وأضاف أن هذا القرار يعكس أيضًا تأثير إملاءات البنك الدولي والعوامل المالية والإدارية التي تتحكم في السياسة الحكومية أكثر مما تعكس رغبة حقيقية في إصلاح التعليم، مشيرا إلى إن “الكفاءة لا تُقاس بالسن، بل بالتكوين والتنافس النزيه والشفاف، عبر فتح المباريات أمام الجميع واختيار الأجدر”.

ومن جانب آخر، أشار الأسروتي إلى وجود اختلالات بيداغوجية وتنظيمية داخل القطاع، لافتًا إلى أن الوزارة اضطرت السنة الماضية إلى تنظيم دورة استدراكية في مباريات التوظيف، خصوصًا في مواد الرياضيات والفيزياء، بسبب عدم استيفاء جميع المناصب لغياب العدد الكافي من المترشحين.

وأضاف أن المفارقة تكمن في أن “الوزارة كانت في حاجة إلى مترشحين، بينما آلاف الحاصلين على الشهادات حُرموا من المشاركة بسبب شرط السن”، معتبرا أن “هذا الوضع يعكس أزمة متعددة الأبعاد، تجمع بين الخلل البيداغوجي والاجتماعي”.

وشدد، في هذا الصدد، على ضرورة مراجعة هذا القرار “غير المنصف” وفتح حوار جاد لإقرار سياسة عادلة في التوظيف تحترم القانون وتعيد الثقة للشباب المغربي.

ويذكر أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أعلنت عن تنظيم مباريات ولوج سلك تأهيل أطر التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، برسم دورة نونبر 2025.

وأوضحت الوزارة في بلاغ أن الاختبار الكتابي لهذه المباريات سيجرى يوم 22 نونبر المقبل، مبرزة أن عدد المقاعد المتبارى عليها يبلغ 19 ألف مقعد، موزعة على مسالك تأهيل أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي.

ويشترط في المترشحين، علاوة على توفرهم على الجنسية المغربية والتمتع بالحقوق الوطنية المدنية، حسب البلاغ، ألا يزيد سنهم عن 35 سنة عند تاريخ إجراء المباراة، وأن يكونوا حاصلين على الإجازة في التربية أو ما يعادلها، أو الإجازة في أحد المسالك الجامعية للتربية أو ما يعادلها، أو الإجازة في الدراسات الأساسية أو المهنية أو ما يعادل إحداها.