المغرب.. ذاكرة مثقلة بالزلازل والحطام
تعيش البلاد على وقع زلزال ضرب منطقة الحوز، هو الأعنف منذ قرن من الزمن. دواوير بحالها استوت بالأرض وحصيلة ثقيلة جدا من الوفيات والجرحى، منهم من نجى ومنهم من لازال حتى اللحظة يئن تحت الأنقاض. فيما مئات من الأسر والعائلات تحصي أعداد المفقودين وتجابه مصيرا مجهولاً.
هذه المشاهد المؤلمة ليست هي الأولى من نوعها في تاريخ المغرب. فالبلاد تعرف نشاطا زلزاليا يخلف في كل مرة كارثة طبيعية ومأساة إنسانية كبيرة.
زلزال أكادير.. 15 ألف قتيل
زلزال 1960 الذكرى الأكثر إيلاما التي عاشتها جهة سوس ماسة منذ الاستقلال. حدثت الهزة الأولى على الساعة الحادية عشر ليلا من فصل شتاء لم يكن عاديا واستغرقت ما بين 12 إلى 14 ثانية، هذه المدة التي تبدو أقصر بكثير من أن تُحدث كارثة ولكنها كانت كدهر من الزمن على قلوب ساكنة هذه المدينة.
في جزء من الثانية أو أقل انهارت المباني على قاطنيها واستحالت الأسقف الدافئة إلى حطام وغبار كثيف حجب الرؤية ورمى بالكثير من الأبرياء إلى المجهول.
انقطعت على إثر هذا الزلزال المدمر التيارات الكهربائية وتعطلت إمدادات مياه الشرب، وانقطعت خطوط الهاتف ما جعل المدينة بأكملها تفقد أي اتصال بالعالم.
هذه الكارثة التي ألمت بأكادير أودت بحياة 15 ألف شخص وهو ثلث عدد الساكنة آنذاك. وخلفت آلاف الجرحى والمعطوبين ومئات المشردين. كما أن المدينة فقدت كل معالمها وصارت أنقاضا.
زلزال الحسيمة.. 800 وفاة وعشرات المعطوبين
وكأن الأرض لا تستيقظ إلا حينما ينام الناس جميعا. في 24 فبراير من سنة 2004، وعلى غرار زلزال أكادير، باغتت الأرض سكان الحسيمة وهم نيام على الساعة الثانية ليلا، حينما تحركت بهم الأسقف والجدران إلى أن تهاوت وصارت حطاما كأنه لم يكن يوما بُنيانا.
حدثت الهزة الأولى ذات ليلة شتائية باردة وأخرجت كل سكان الريف وقراه إلى العراء. قوة هذه الهزة وصلت مدنا مجاورة للحسيمة حيث أحس بها ساكنة مدينة تازة أيضا.
قضى نحو 800 مئة شخص نحبه تحت الأنقاض فيما عاش المئات مع عاهات مستديمة وأمراض مزمنة. حيث ظل الناس لأكثر من ثلاثة أشهر خارج المنازل متكدسين في الخيام وهو الأمر الذي يفتقر لشروط السلامة الصحية وتسبب ذلك في إصابة البعض بأمراض مزمنة كالربو وغيره من الأمراض الخطيرة.
الحسيمة..زلزال 1994
ليست سنة 2004 المرة الأولى التي يعرف فيها سكان الريف معنى أن تموج بهم الأرض، ففي سنة 1994 عرفت المنطقة زلزالا قويا خلف هو الآخر عشرات الموتى والمعطوبين ولكنه لم يكن بنفس عنف الزلزال الذي تلاه. حيث أن زلزال 2004 كان ثقيلا من الناحية الاقتصادية وظلت ملامحمه ترخي بظلالها على المدينة لسنوات لاحقة.
ولا يمهل الزمن وقتا كافيا لمدينة الحسيمة حتى تنسى وقع الهزات، وينسى الناسُ أحبابهم اللذين فارقوهم مكرهين، فالمنطقة تعيش على هذه الذكرى بشكل مستمر لأن الأرض تعرف هزات ارتدادية متفاوتة القوة من وقت لآخر.
زلازل قديمة
عرف المعرف على طول تاريخه زلازل قوية عصف بعضها بمدنه وقراه. ففي 28 من ماي من عام 818، ضرب زلزال عنيف ضفتي مضيق جبل طارق، وذلك قبل أن يضرب زلزالان عنيفان البلد في ديسمبر من 1079، ما أدّى إلى مصرع المئات تحت الأنقاض، وحدوث دمار كبير.
وشهد ماي من عام 1624، وقوع زلزال مدمر أتى على أجزاء واسعة من مدن تازة وفاس ومكناس.
وفي الخامس من غشت من سنة 1660، كانت مليلية على موعد جديد مع زلزال عنيف، خلف ضحايا وخسائرا مادية كبيرة.
أما الزلزال الذي ضرب سواحل المغرب عام 1719، فقد دمر أيضاً أجزاء واسعة، وتبعه في ديسمبر 1722، زلزال عنيف تسبب في خسائر جسيمة ببعض المدن الساحلية.
وفي سنة 1731، شهدت أكادير هزات أرضية عنيفة، أدّت إلى تدمير أحياء عديدة منها.
وفي الأول والثامن عشر نونبر من العام 1731، دمر الزلزالان اللذان ضربا مدينة لشبونة بالبرتغال، معظم المدن الساحلية المغربية.
وشهد شهر غشت سنة 1792، زلزالاً عنيفاً ضرب مليلية، ودمر عدداً من أحيائها. وعانت المدينة نفسها من هزات أرضية قوية في فبراير 1848، ما أدّى إلى وقوع خسائر فادحة في العمران وسقوط ضحايا.
وفي يناير عام 1909، دمرت هزات أرضية أحياء عديدة في إحدى ضواحي تطوان، بالإضافة إلى سقوط 100 ضحية بين وفيات وجرحى.