story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

المغرب.. بقية أمل؟

ص ص

في رؤيتنا للمغرب، مع حمل نون الجماعة في الرؤية على المشتغلين باستشراف المصائر وتحليل السياسات واستحضار الخيبات قبل المجازفة ب”الأمل”، يبدو المغرب أحوج إلى جرعة أمل من غيره. في رؤية “الآخر”، المغرب، على تناقضاته، يحمل ملامح الحل. 

أقابل بين الرؤيتين علاقة بسؤال يجر معه المغرب حيثما رسا: إلى أين يسير العالم العربي؟ ما مستقبل هذه المنطقة التي تمزقها الحروب وتخترقها الأطماع وتسير بلا خارطة ولا مشروع جامع ولا “قدوة حسنة”؟ من يستطيع تقديم جرعة أمل للشعوب ومعادلةً مخففةَ الضررِ إلى المنفعة في الحكم؟ 

قرأت مجلة “ذا ناشيونال إنترنست” في استئناف إيران والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية بوساطة صينية واستعادة نظام بشار الأسد مقعده بجامعة الدول العربية وتقارب روسيا مع دول الخليج وبعض المتغيرات الجديدة في المنطقة إيذانا بدخول المنطقة عصرا جديدا من الحكم الاستبدادي. هل كانت المنطقة تعيش في بحبوحة من الحقوق والديمقراطية قبل 2023؟ قطعا لا، لكن بالنسبة للرؤية الغربية، يرمز شرق العالم للاستبداد وغربه للديمقراطية. 

رمزيا إذن تتحرّر الأنظمة من تبرير نفسها ولنقل تعود للاستبداد الصريح. والاستبداد ليس إلا موسما لزراعة بذور الثورات والانقلابات والصراعات والحروب الأهلية. والمغرب معني بحركة الذهاب والإياب بين الاسبتداد القبيح والناعم، لكن ممكن أن يقدم حلا أيضا حسب مجلة أمريكية أخرى متخصصة في تشريح أحوال العالم.

في تحليل “غير ديمقراطي” كثيرا لسبب دوران الشرق الأوسط في حلقة من البدائل المفجعة: حكم دموي أو غزو أجنبي أو فوضى أو حرب أهلية أو انقلابات ناعمة وخشنة، قدمت مجلة فورين أفيرز جوابا من خارج قاموس “الديمقراطية هي الحل”.  

تعتبر المجلة أن “غياب إمبراطورية تفرض النظام” هو “أحد الأسباب الرئيسية للعنف والاضطراب في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة”. ف”بعد أزيد من قرن على سقوط الإمبراطورية العثمانية، لم تجد (دول) الشرق الأوسط بديلا ملائما للنظام الذي كانت تفرضه الإمبراطورية”، تقول المجلة.

“خذ مثلا سوريا، ما بين 1946 و1970، شهدت 21 تعديلا حكوميا معظمها غير قانونية بما فيها انقلابات عسكرية”، وهي حاليا مسرح لحرب أهلية مدمرة.  “أو خذ مثلا ليبيا، التي تتكون من جهات متفرقة وتنقصها اللحمة التاريخية سوى من ماضيها الاستعماري. غرب ليبيا، المعروفة ب”الطرابلسية”، متنوع أكثر وتاريخيا كان أقرب لقرطاج وتونس. بالمقابل، شرق ليبيا، أو إمارة برقة، محافظة وتاريخيا كانت تدور في فلك الإسكندرية ومصر. وأراضي الصحراء، بين فزان والجنوب، كانت موطنا لهويّات قبلية وإقليمية. (..) بعد سقوط القذافي، أي تحديدا 100 عام على الاستعمار الإيطالي، تفككت الدولة”. 

سبب غياب الاستقرار يعود أساسا لفشل العرب في بناء شكل جديد للحكم، بديل للمنطق  الإمبراطوري. تفلت من هذه القاعدة الملكيات. “بسبب شرعيتها التاريخية المتأصلة والمستحقة، استطاعت الملكيات التقليدية مثل الأردن والمغرب وعمان الحكم بدرجة أقل من البشاعة رغم كونها أنظمة مستبدة. الشرق الأوسط الذي تحول إلى مختبر لتصورات طوماس هوبز أكد أن الملكيات، جنبا إلى جنب مع الإمبراطوريات، يظلان، أكثر من غيرهما، الشكلان الطبيعيان للحكم”.

ترى المجلة أن  “حكما تشاوريا (consultative governance) على شاكلة الإصلاحات بالملكيات التقليدية المتأصلة في المغرب وعمان يمكن أن يقدم مسارا وسطا” بين الديمقراطية والاستبداد المطلق. “في هذا الاتجاه قد يكمن أفضل أمل لاستمرار تطور الشرق الأوسط، على الرغم من أنه تطور لن يسير بالضرورة وفقا للسيناريو  الغربي”.

يمكن للمغرب أن يقدم جرعة أمل، ليس لأن خطاً من الكتابات الغربية ترى ذلك، ولكن لأن ما يُرسم من سيناريوهات لمنطقة تعيش شبه غيبوبة لا يبشر بخير. نجاحات المغرب الرياضية أعطت للمنطقة بوصلة مؤقتة باتجاه الحلم والفوز في حلبة رمزية. تمسك المغاربة بحبل الإصلاح بمرتكزات ديمقراطية صريحة وفي إطار مؤسسات تحوز الأصالة وشرعية التاريخ قد تقدم أملا جديدا لشعوب بدأت تيمم وجهها شطر المغرب الأقصى.