“المصباح”: تجريم التشكيك في نزاهة الانتخابات يهدد مهام الملاحظة والمراقبة
أكد حزب العدالة والتنمية أن تجريم التشكيك في نزاهة الانتخابات من شأنه التأثير سلباً على مهام الملاحظة والمراقبة، إضافة إلى تهديد المشاركة السياسية والرقابة المجتمعية.
وأوضح الحزب، في مذكرته حول مشاريع القوانين الانتخابية الصادرة يوم الأربعاء 26 نونبر 2025، أنّ هناك غموضاً في تحديد مفهوم “الأخبار الزائفة” و”التشكيك في النزاهة”، مسجلاً غياب الجهة المختصة بتحديد هذه المفاهيم، ووجود خلط بين النقد السياسي المشروع وبين التشكيك المغرض. كما أشار إلى إغفال السياق الانتخابي الذي يقتضي أعلى درجات الشفافية.
وأضاف الحزب أن من بين انعكاسات تجريم التشكيك، الوارد في مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، أنه قد يتحول إلى أداة لإسكات المراقبين والوكلاء والمتابعين، والحد من قدرة المجتمع المدني على فضح الخروقات.
ونبّه الحزب إلى أن هذا التوجه من شأنه خلق رقابة ذاتية خطيرة لدى الفاعلين السياسيين والإعلاميين، وإضعاف جهود الترافع من أجل نزاهة الانتخابات، فضلاً عن تهديد المشاركة السياسية والرقابة المجتمعية.
وترى الوثيقة ذاتها أن تحصين العملية الانتخابية من النقد يناقض مبدأ الشفافية وروح الفصل 11 من الدستور، إضافة إلى اختصاصات المحكمة الدستورية المخوَّلة البتّ في صحة الانتخابات، وهو ما يعني ضمنياً إمكانية وجود اختلالات.
ويؤكد الحزب أن هذا الأمر واضح من خلال العديد من قرارات المجلس الدستوري التي ألغت نتائج انتخابية بسبب استعمال المال، أو الشك في عملية الفرز، أو تدخل أعوان السلطة، أو خرق سرية الاقتراع.
كما أشار إلى أن الادعاء بحصانة العملية الانتخابية وعدم إمكانية التشكيك في صحتها ـــ ولو تحت مسمى ترويج أخبار زائفة ـــ لا سند قانونياً له.
وذكّرت الهيئة السياسية بأن القاضي الدستوري أصدر قرارات عديدة ألغى فيها نتائج بعض الدوائر الانتخابية بسبب الشك في سلامة النتائج، مستحضراً حالات كإلغاء النتائج نتيجة استمالة الناخبين من طرف أعوان السلطة، أو عدم الاطمئنان إلى صدقية النتيجة المعلَن عنها، أو وجود اختلاف بين محاضر مكاتب التصويت ومحاضر المكتب المركزي، أو عدم الاطمئنان إلى فرز الأوراق الملغاة، أو عدم التزام السلطة المحلية بالحياد.
كما سجّل المصدر ذاته وجود تعارض بين العقوبات المنصوص عليها في القانون الجديد وتلك الواردة في قانون الصحافة والنشر، إذ تنص المادة 72 من هذا الأخير على الاكتفاء بالغرامة في جرائم لا تقل خطورة عن التشكيك في نزاهة الانتخابات، بينما لجأت المادة 51 مكرّر إلى العقوبة الحبسية.
وترى المذكرة أن ذلك يعكس مقاربة تجزيئية لموضوع الأخبار الزائفة، والذي يتجاوز بكثير اللحظة الانتخابية. وذكّر الحزب بأن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خصص رأياً مفصلاً حول الموضوع، واقترح وسائل لمحاربة الأخبار الزائفة دون اعتماد العقوبات الجنائية، بل اعتماد رؤية شمولية.
ووفقاً للوثيقة نفسها، تقوم هذه الرؤية على أربع ركائز أساسية تتعلق بإتاحة المعلومات الرسمية بسرعة وشفافية، وبناء مؤسسات قوية للتحقق من الأخبار مع ضمان استقلاليتها المالية، ونشر التربية الإعلامية والتفكير النقدي لدى المجتمع والمؤثرين والإعلاميين، إلى جانب التعاون الدولي وتطوير أدوات رقمية للذكاء الاصطناعي لرصد التضليل.