الكتاني: أبوعبيدة أوجعنا والشعب المصري قادر على فتح “رفح” رغما عن العدو

قال رئيس رابطة اتحاد علماء المغرب العربي وعضو الأمانة العامة للهيئة العالمية لأنصار النبي، الحسن بن علي الكتاني إن البيان الأخير الصادر عن العلماء من أجل نجدة غزة، جاء استجابة مباشرة لنداء أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية – حماس، حين قال: “أنتم خصومنا أمام الله”.
وأضاف الكتاني، في حديثه مع صحيفة “صوت المغرب”، أن كلمة أبو عبيدة في ذلك اليوم “كانت مؤلمة بقدر ألمنا على ما يحدث في غزة، وبقدر مشاهدتنا لتقصير أغلب العلماء وتخاذلهم”.
أما عن الحكام العرب والمسلمين، فقال الكتاني إن “الكثير منهم ليسوا فقط مُقصرين، بل خاذلين، ومشاركين فيما يُرتكب بحق غزة”، مشيراً إلى أن ذلك “أصبح أمراً واقعاً ومصيبة من مصائب هذا الزمان”.
وذكر أنه، بمجرد سماع العلماء في “الهيئة العالمية لأنصار النبي صلى الله عليه وسلم” لكلمة أبو عبيدة، بادروا إلى كتابة بيانهم خلال يوم واحد، وناقشوا مضمونه وتداولوه، قبل أن يقرروا إصداره يوم السبت 19 يوليوز 2025.
وأوضح أن البيان جاء استجابة مباشرة لنداء أبو عبيدة، نظراً “لهول ما يحدث في غزة من تجويع رهيب وحصار خانق، وعدم مبالاة أو تحرك جاد من أغلب المسلمين تجاه هذه الإبادة”.
وبخصوص مخاطبة شيخ الأزهر تحديداً في البيان، أوضح الكتاني أن ذلك يعود إلى كونه “أكبر عالم في أكبر صرح إسلامي”، مشيراً إلى أن شيخ الأزهر أحمد الطيب له “وجود وتأثير وكلمة قد تكون مسموعة”.
وأضاف: “لأجل ذلك خاطبناه مباشرة، خاصة أن مصر تتحمل الثقل الأكبر في هذه القضية، باعتبارها من تغلق معبر رفح، البري والحدودي مع قطاع غزة”.
وقال: “لو أن مصر تركت الأمر للشعب، لتم فتح المعبر رغماً عن العدو المحتل”، مذكراً في الوقت نفسه بمنعها، إلى جانب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر “قافلة الصمود” البرية، التي كانت تضم نشطاء من دول متعددة، ومحملة بمساعدات رمزية كانت تهدف إلى فتح المعبر.
وشدد المتحدث على أن “المؤلم هو أن هذا المعبر تغلقه دول منا وفينا، مع الأسف الشديد”، لافتاً إلى أن “ما يؤلم أكثر هو أن يد الفأس من الشجرة”، في إشارة إلى أن الألم يكون أعظم عندما يأتي من الأقربين.
وتابع رئيس رابطة اتحاد علماء المغرب العربي وعضو الأمانة العامة للهيئة العالمية لأنصار النبي أنه “كان من المفترض أن يكون حكام الدول العربية والإسلامية صوتاً لشعوبهم، لكنهم -مع الأسف- تحولوا إلى أعداء لها”.
وأردف الكتاني أن “مصر التي تُعد بوابة غزة ومتنفسها، لم تكتفِ بإغلاق المعبر، بل أغلقت الأنفاق وهجّرت القرى المحاذية للسياج الفاصل بين فلسطين وسيناء، رغم أن القبائل واحدة، والشعب واحد”.
واستنكر المصدر ذاته، إقدام السلطات المصرية على إبعاد القرى إلى مسافات بعيدة، مما أدى إلى تشتيت شمل العشائر السيناوية، التي “كان يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في هذه القضية”.
وأشار إلى أنه عندما رأى العلماء استجابة العشائر العربية في سوريا لنداء إخوانهم في السويداء، أدركوا أن “النخوة والفزعة لا تزال حيّة في قلوب العشائر”، مؤكداً أن “النخوة العربية والشهامة والمروءة ما تزال حاضرة”.
وطالبَ جمع من العلماء الحكومات الإسلامية بفتحِ باب الجهاد أمام جماهير الأمة “التي لن تتأخر عن نجدة أهل غزة”، معربين عن استعدادهم لتصدر الصفوف.
وقالوا في بيان أصدروه من تركيا، بعد كلمة أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، إن خطابه كان “صرخة حقّ، وجرس إنذار، وكان وقعه أشد على نفوس الأحرار من زخّات الرصاص، لأنه فضح المتخاذلين والقاعدين والساكتين”.
وأضاف البيان، الذي تلاه الحسن بن علي الكتاني، وبجانبه عدد من العلماء من مختلف دول الأمة، مخاطباً الحكومات: “إن كنتم لا تملكون القرار، فافتحوا المعابر لنغيث إخواننا الذين يموتون جوعاً وعطشاً”.
وأشار البيان إلى أن منظمة الأونروا ذكرت أن المواد الغذائية المحتجزة في مدينة العريش تكفي أهل غزة لثلاثة أشهر كاملة، مشددًا على ضرورة فتح المعابر لقطع حجة العلماء، مضيفاً: “إن لم نغث أهل غزة جعنَا معهم على الأقل، فقد رأينا صمودهم أمام الأهوال، وفرَح الواحد منهم باستشهاد أولاده، لكن كرامته تأبى أن يرى أبناءه يموتون جوعاً”.
وذكر البيان، الصادر عن الهيئة العالمية لأنصار النبي، أن الحكومات الإسلامية، وجميع العاملين في صفوفها “على خطر شديد، وأن سياستهم في هذه الحرب تنقض عرى الولاء والبراء، وأنهم يعرضون أنفسهم لمقت الله وعذابه”، معتبرين أن كل لحظة ألم وجوع وقهر “قد يجمع الله بها على المتخاذلين عذاب الدنيا والآخرة”.
وتوجه العلماء في بيانهم إلى القبائل والعشائر، التي وصفوها بـ”أهل الغيرة والحمية” داعين إياهم إلى أن “يفزعوا لغزة من كل مكان، لا سيما دول الجوار، كما فعل شجعان العشائر العربية في إغاثة إخوانهم في سوريا”.
وشددوا على أن أبا عبيدة كان صريحاً في تحميل المسؤولية للجميع وفي مقدمتهم العلماء، مشيرين إلى أن حقّ الجوار يُحتّم على الأزهر الشريف في مصر ما لا يُحتّم على غيره. وقالوا: “إننا على يقين من أن أي تحرك حاسم من قبل فضيلة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، سيُغيّر المعادلة ويكسر الحصار، أو يؤدي على الأقل واجب العين المتعين على قادة الأمة وعلمائها”.
وأضافوا، موجهين كلامهم لشيخ الأزهر: “التاريخ قد فتح ناصع صفحاته لتُسجل فيها اسمك، يا فضيلة الإمام إلى جوار العِزّ بن عبدالسلام، وإلا فأعِد للسؤال إجابة، فقد اختصمنا أبو عبيدة جميعاً أمام محكمة العدل الإلهية. ونسأل الله أن يكشف عن إخواننا، ويجعلنا جميعاً سبباً في ذلك، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل”.
وذكّر العلماء بأن غزة “تنزف منذ 21 شهراً متواصلة، وتقاوم الموت جوعاً وقهراً وقصفاً”، بينما أمة المليارين، بحسب تعبيرهم “عاجزة عن كسر حصار يقتلهم كما تقتلهم آلات الحرب”، في الوقت الذي لا يزال فيه المعبر – شريان الحياة – مغلقاً أمام الغذاء والدواء “وكأننا ألفنا مشهد طفل يموت عطشاً، أو أمٍّ تحتضن طفلها الذي يتلوّى جوعاً، في أبشع حصار مسلح عرفه التاريخ”.