story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

الحسين عموتة ولويس إنريكي

ص ص

سنة 2019 وبينما المدرب الإسباني لويس إنريكي يمارس مهامه بشكل طبيعي كناخب وطني لمنتخب بلاده، اختفى فجأة عن الأنظار وترك مساعده الأول يقوم بكل مهام إدارة “لاروخا” وتدبير تداريبه ومعسكراته ومبارياته وتحديد قائمة اللاعبين الذين يتم استدعاؤهم.

كل المسؤولين عن الكرة الإسبانية والصحفيين وكثير من اللاعبين والمدربين كانوا يعرفون السبب بالتحديد الذي دفع لويس إنريكي إلى التخلي عن مهام إدارة المنتخب الإسباني، لكنه بقي حبيس دوائر ضيقة وبعيدا عن تداول الرأي العام ووسائل التواصل الإجتماعي، حتى أن غياب إنريكي لم يعد يهتم به أحد وبدا أن الموضوع قد دخل إلى طي النسيان.

لكن الجميع في إسبانيا تذكروا ناخبهم الوطني الغائب بعد خروجه في تدوينة مؤثرة على حساباته في وسائل التواصل الإجتماعي ينعي فيها إبنته ذي التسع سنوات التي وافتها المنية بعد صراع مع مرض سرطان العظام استمر خمسة أشهر، وخلف النبأ موجة حزن كبيرة أبدت البلاد كلها تعاطفا مع إنريكي وتضامنا معه في مصابه الجلل.

وخلال شيوع خبر وفاة الصغيرة إبنة لويس إنريكي عرف الكثيرون في إسبانيا أخيرا سبب غيابه عن تدريب الفريق الوطني الإسباني، وهو التفرغ لعلاج فلذة كبده من المرض الخبيث، وظهر مدى احترام الناس لخصوصية الحياة الشخصية للآخرين ولو كانوا في مناصب مرموقة، بإجماع المسؤولين ووسائل الإعلام الإسبانية على عدم الحديث عن تفاصيل السبب الشخصي الذي حال دون مواصلة الناخب الوطني لمهامه التي تعاقد من أجلها مع جامعة كرة القدم في البلاد، وتركوا ذلك للمعني بالأمر حسب رغبته وحالته النفسية، وفتحوا له أبواب العودة لمهامه متى رأى أن ظروفه الشخصية تسمح بذلك.

تذكرت حالة لويس إنريكي وقارنتها بما يقع حاليا للحسين عموتة بعد أن أصدر الإتحاد الأردني لكرة القدم بلاغا يعلن فيه رسميا عن تخلي المدرب المغربي عن مهامه كمدرب لمنتخب النشامى “لأسباب شخصية” وتعويضه بمدرب مغربي آخر الذي هو جمال السلامي بتوصية من عموتة.

إبن الخميسات كان مباشرة بعد إنجازه التاريخي مع منتخب الأردن بوصوله إلى نهائي كأس آسيا، قد صرح أن ظروفا شخصية قاهرة ستمنعه من مواصلة مهمته، ودعا المسؤولين الأردنيين إلى تفهم الأمر، لكنه تعرض داخل الأردن لحملة تشكيك كبيرة في نواياه وفي صدق تبريراته لعدم القدرة على مواصلة مهامه، بل وتعدى الأمر بشكل مقزز للحديث إعلاميا في الصحف والقنوات التلفزيونية في تفاصيل المشكل الشخصي والتدخل في خصوصيات الرجل ورغبات أسرته من قبيل “لقد عرضنا عليه خدمات طبية هنا في الأردن ورفض”.

وهناك في الأردن من أكمل “الباهية” بعد تأكد ذهاب عموتة، فراح يتهمه بالتعالي والطمع في عروض مالية أكبر، واستصغار دوره في إنجاز كأس أمم آسيا، والإدعاء بأن منتخب الأردن هو الذي صنع الحسين عموتة وليس العكس، وهلم جرا من تقيآت حقودة في حق رجل عمل بكل إخلاص وواجه انتقادات من كل حدب وصوب من أجل إعداد منتخب أردني دخل التاريخ من أبوابه الواسعة مع كبار القارة الآسيوية.

عندما تقارن حالتي لويس إنريكي والحسين عموتة اللتان تشتركان في نفس لحظات الضعف الإنساني والمعاناة الشخصية مع نوائب الحياة، وترى كيف تتعامل معها الأمم التي حباها الله بقليل من التفكير السليم، وكيف تستغلها الأمم المريضة بالأنانية والحقد المجاني.. فلا يسعك إلا أن تتوجه إلى العلي القدير بالدعاء المغربي المأثور… “الله يبقي الستر” .