story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

الثور الجريح

ص ص

قبل أسبوعين، خرج مجموعة من الأشخاص الذين يدعون انتماءهم لمنطقة الريف المغربية ليعلنوا عن تأسيسهم لمكتب تمثيلية “جمهورية الريف” في الجزائر. هذه الخطوة تعتبر تصعيدا جديدا من قبل السلطات الجزائرية التي ما فتئت تنقب عن أية طريقة للإضرار بمصالح المغرب، مؤسساته وشعبه.
فبعد وقوفها وراء إنشاء “الحزب الوطني الريفي” قبل أشهر في العاصمة البلجيكية بروكسيل، ها هي الآن تزيد من تصعيدها بفتح تمثيلية في الجزائر لمجموعة من الانفصاليين الذين لا يعبرون عن أية ديناميات حقيقية داخل منطقة الريف المغربية. في حين أن الجزائر قد أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما أشار سفير المغرب لدى الأمم المتحدة مجدر إشارة إلى أن هناك منطقة القبايل في الجزائر التي تستحق من دولة الجزائر أن تنظر في أحقيتها في مبدأ تقرير المصير الذي تريد أن تطبقه على دول أخرى.
هذه الخطوة التي انخرطت فيها الجزائر وإن بدت عدائية في ظاهرها، فهي نقطة مهمة يجب ضمها إلى حزمة الحجج التي في جعبة المغرب، والتي من خلالها يشرح للعالم موقفه مما يقوم به الجار الشرقي للمغرب.
بصيغة أخرى، هذه الخطوة تقطع الطريق أمام فكرة أن الجزائر تقدم الدعم لانفصاليي الصحراء لأن القضية مطروحة أمام الأمم المتحدة، وأن الجزائر لا تقوم إلا بدعم طرف من أطراف نزاع أممي، وكون الجزائر تحترم سيادة المغرب على أرضه.
بدعمها لانفصاليي الريف، فالجزائر تعلن بشكل واضح ومباشر على أن كل الكلام عن دعمها للشعوب التواقة للتحرر كلام فارغ، وأن غرضها الحقيقي هو تفكيك المغرب ودعم كل من يستطيع مساعدتها في ذلك، وإن كان على حساب الأعراف الديبلوماسية واحترام مبدأ سيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
الجزائر دعمت مرتزقة البوليساريو لعقود بالسلاح والمال والغطاء الديبلوماسي، وعندما لم تنجح في تدمير الوحدة الترابية والوطنية للمغرب، صعدت من قراراتها بقطع العلاقات الديبلوماسية ثم المجال الجوي مع المغرب، وها هي الآن تخطو خطوة خطيرة بدعمها لهؤلاء الانفصاليين عوض البحث عن سبل لخفض التوتر في المنطقة.
لوضع الأمور في سياقها الإقليمي، فالجزائر هذه الأيام في صراع علني مع دولة مالي التي لها حدود مشتركة مع الجزائر وهناك إشارات إلى احتمال تصعيد الوضع بين البلدين. كما أن علاقة الجزائر بعدة دول أخرى في المنطقة ليست على ما يرام، مما يطرح الكثير من الأسئلة على القائمين على الوضع في الجزائر.
ففي الوقت الذي تتجه فيه دول ومناطق عديدة نحو التكتلات الإقليمية، لما لها من قدرة على توحيد الصفوف لمواجهة المخاطر العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المشتركة، تحاول الجزائر بلقنة المنطقة، مما قد يخلف مزيدا من القلاقل في منطقة متوترة أصلا ولا تحتاج لمزيد من التصعيد.
فمنطقة الساحل معروفة بعدة أنشطة لا تساعد على الاستقرار كالتهريب والهجرة غير النظامية والجماعات المتطرفة العنيفة وتجار المخدرات، وكل هاته الجماعات تنشط جزئيا في أقصى الجنوب الجزائري.
وعوض التركيز على خلق ديناميات إقليمية لمواجهة هذه الأخطار التي تهدد المنطقة وسكانها، فالجزائر تبحث عن أي سبيل من أجل تصدير أزمتها إلى الخارج وخلق بعبع خارجي تبرر به للجزائريين عدم جعل التنمية والانفراج السياسي أولى الأولويات.
على المغرب أن يكون حذرا في التعامل مع جزائر اليوم، التي فقدت الكثير من شرعيتها في المنطقة وعبر العالم. الجزائر اليوم تشبه ذلك الثور الجريح الذي يركل بعنف كل ما حوله قبل أن يسقط أرضا. لذلك فعلى المغرب ألا ينجر تجاه الثور الجريح فيسقط معه أرضا.