story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

التعليم بجهة درعة تافيلالت والمشاركة المواطنة للأسر

ص ص

شاركت، الأسبوع الماضي، في مائدة مستديرة بمدينة ورززات، حول إشكالية جودة التعليم بجهة درعة تافيلالت، نظمتها إحدى المؤسسات المدنية النشيطة في هذه الجهة الترابية. وكان من بين الأسئلة التي قدمت للنقاش: كيف يمكن تشجيع مشاركة أباء وأولياء التلاميذ والمجتمع من أجل دعم تمدرس وتعلم الشباب؟

عطفا على هذا التساؤل، قدمت بعض عناصر الإجابة أتقاسمها، من هذا المنبر، مع القارئ الكريم تعميما للفائدة من جهة؛ ومن جهة أخرى، يمكن أن تشكل هذه الأخيرة أرضية للنقاش في مناسبات قادمة.

بداية لا بد من الإشارة إلى أن إشراك أباء، وأمهات وأولياء التلاميذ، فضلا عن إشراك جمعيات المجتمع المدني، في دعم تمدرس وتعلم الشباب يدخل في إطار ما يسمى بالديمقراطية التشاركية، وبتحديد دقيق ما يسمى في أدبيات علم السياسة ب “المشاركة المواطنة”. هذا معناه أن المشاركة المواطنة تهدف إلى إشراك المواطنين، بما فيهم المواطن العادي غير المنتمي إلى جمعيات، وأحزاب ونقابات، في تدبير الشأن العام، سواء على المستوى الوطني أو المحلي.

في بلدنا المغرب، مفهوم المشاركة المواطنة له مرجعية قانونية، تتمثل في النص الدستوري، الذي نص مثلا في الفصل 139 على أهمية التشاور العمومي وإشراك المواطنات والمواطنين في تدبير الشأن العام، وأيضا من خلال القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، خاصة القانون التنظيمي المتعلق بالمجالس الجهوية.

وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، نص على ضرورة إشراك المواطنين في تدبير الشأن العام على المستوى المحلي. من هنا تأتي، في نظري، الحاجة إلى أهمية إشراك أولياء أمور التلاميذ والتلميذات، فضلا عن ممثلي جمعيات المجتمع المدني، في تطوير العملية التعليمية، عبر خلق آليات تهدف إلى تفعيل هذه المشاركة.

هذه الآليات يمكن أن تدخل في إطار القوانين التنظيمية للجماعات الترابية أو عبر إطلاق مبادرات مدنية، وبالتالي فالفكرة مثلا التي يمكن تبنيها، في هذا السياق، مفادها أن هناك حاجة إلى خلق “المجلس الجهوي للأسرة” بجهة درعة تافيلالت. لأن القانون يسمح بذلك، ويشجع على مثل هذه المبادرات المواطنة، وبالتالي يمكن لفعاليات المجتمع المدني أن تقود هذه المبادرة، بتعاون مع مجموعة من الفاعلين على المستويين المحلي والجهوي.

هذا المجلس، “المجلس الجهوي للأسرة”، قد يشكل آلية تهدف إلى إشراك الأسر في كل ما يتعلق بالمجالات والقطاعات التي تعنيها، وبدرجة أخص قطاعي الطفولة والشباب.

وقد يقوم بأدوار ابتعدت جمعيات أباء وأولياء التلاميذ عن القيام بها، لأسباب لا يمكن الحديث عنها في هذا المقام، مثل الترافع ومراقبة عمل السلطات العمومية المكلفة بتدبير القطاع.

من خلال “المجلس الجهوي للأسرة”، يمكن لأولياء أمور الشباب أن ينتظموا في إطار هذا المجلس، قبل أن يترافعوا بغية تبني السلطات العمومية التربوية لسياسات تهدف إلى تحقيق الجودة في قطاع التعليم والتعلم بالنسبة للشباب، وأيضا قد يشكل هذا المجلس قوة اقتراحية مساعدة للسلطات المحلية في تبني سياسات عمومية تربوية أكثر فعالية.

أعتقد أن جودة التعليم بجهة درعة تافيلالت لا يمكن أن تتحقق دون مبادرات مواطنة، لأن الدولة لوحدها لا يمكن لها أن تقوم بكل شيء، هذا ليس معناه عدم تحميل هذه الأخيرة مسؤولية تدبير هذا القطاع، لكن بحكم تشعب وتعقيد بعض الظواهر الاجتماعية المتواجدة بنفس الجهة الترابية، والتي من بينها، علاقة بقطاع التعليم، ظاهرتي الهدر المدرسي، و”تزويج” الفتيات القاصرات، وإشكالية تمدرس أطفال الرحل، على سبيل المثال لا الحصر.

لهذا يمكن لفعاليات المجتمع المدني الاستفادة من القوانين المتقدمة إلى حد ما، بالمقارنة مع الفترة التي سبقت 2011، من أجل المشاركة في صياغة السياسات العمومية على المستويين المحلي والجهوي.

وهي دعوة من أجل مجتمع مدني مبتكر لأفكار وآليات مساعدة على خلق سياسات عمومية تربوية فعالة. لأنه، شئنا أم أبينا، يتوفر هذا الأخير على خبرة ميدانية، ولديه معطيات مهمة قد لا تتوفر لدى الفاعلين السياسيين والترابيين، خصوصا المنتخب المحلي، وبالتالي فمشاركته تعتبر أساسية.

يكفي فقط وضع تصور لهذه المشاركة، وتحديد الآلية أو الطريقة التي يمكن أن تتم بها.

الإشكال، أو لربما العائق، أمام هذه المشاركة المواطنة للأسر عبر آليات مدنية، قد يتمثل في غياب الثقة بين الفاعلين، بحكم أن العلاقة السائدة منذ سنوات بين الفاعل السياسي والفاعل المدني يسودها التوجس والحذر.

لكن أعتقد أنه بمثل هذه اللقاءات، كاللقاء المنظم بمدينة ورززات، يمكن أن تساهم في تقريب وجهات النظر، وفي خلق علاقة جديدة بين الفاعلين المحليين، وبالتالي ستكون الاستفادة والأثر الإيجابي سواء على المستوى الترابي، في شخص جهة درعة تافيلالت؛ و أيضا على المستوى الإنساني، في شخص مواطني الجنوب الشرقي من مدن زاكورة إلى ميدلت، مرورا بورززات، تنغير و الراشيدية.

  • مصطفى المناصفي