story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

التداعيات الاقتصادية لحرب 7 أكتوبر على إسرائيل

ص ص

في الحروب، مثل تلك التي تخوضها إسرائيل ضد قطاع غزة، غالبًا ما تتجاوز الغايات الحقيقية الأهداف العسكرية المباشرة. تتعلق هذه الحروب بإعادة رسم الحدود، واستغلال المزايا الديموغرافية، وتأكيد الهيمنة الإقليمية.

ومع ذلك، تطرح الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تكبدتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر سؤالًا أساسيًا: هل يمكن اعتبار هذه الكلفة الهائلة “أضرارًا جانبية” في هذا السياق؟

إسرائيل، التي تطمح لأن تكون قوة اقتصادية رائدة على المستوى العالمي، لا يمكنها تجاهل التداعيات العميقة لهذه الحرب. إذ أن حالة عدم الاستقرار السياسي وتزايد انعدام الأمن الناتجة عن الأزمة الحالية تُعقّد بشكل كبير عملية التعافي الاقتصادي.

وفقا لتوقعات الخبراء، قد تستغرق استعادة الديناميكية الاقتصادية اللازمة لعودة البلاد إلى مستويات النمو السابقة عقدًا كاملًا أو حتى أكثر. لذا، من الضروري استعراض هذه الخسائر بشكل دقيق لتسليط الضوء على تأثيراتها العميقة على مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي.

تداعيات اقتصادية عميقة وصعوبة التعافي

منذ 7 أكتوبر، تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر كبيرة نتيجة النزاع. وفقًا لتقديرات بنك إسرائيل، قد تصل التكاليف المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالحرب بين 2023 و2025 إلى 55.6 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الرغم من أن هذه التقديرات رسمية، إلا أن الوضع قد يكون أكثر سوءًا مما تم الإعلان عنه.

قبل هذه الفترة، كان الكيان يسجل نموًا اقتصاديًا قويًا، حيث بلغ معدل النمو 6.5٪ في عام 2022. لكن سرعان ما شهدت السنوات الأخيرة انهيارًا اقتصاديًا حادًا، حيث سجل معدل النمو 2٪ في عام 2023.

وتشير التوقعات إلى استمرار هذا التراجع في 2024، مع تقديرات بأن النمو سيصل إلى 0.5٪ فقط، وهو مستوى قريب من معدلات النمو التي سُجلت خلال أزمة كوفيد-19.

إضافة إلى ذلك، أدى هروب الأطر المؤهلة ونقص العمالة الأجنبية، نتيجة لتقليص عدد العمال الفلسطينيين والمهاجرين، إلى توقف حوالي 80٪ من مشاريع البناء. كما تأثر القطاع الزراعي بشكل كبير، حيث تُركت المزارع مهملة وتوقفت المحاصيل، مما زاد من المخاوف بشأن الأمن الغذائي.

زادت النفقات العسكرية والتكاليف المرتبطة بالنزاع من تفاقم العجز العام وزيادة الدين السيادي. وقد أدى ذلك إلى مراجعات سلبية من وكالات التصنيف الائتماني. حيث خفضت وكالة “فيتش” تصنيف الدين السيادي الإسرائيلي من “A+” إلى “A استجابةً لزيادة الديون، بينما عدّلت وكالة “موديز” نظرتها المستقبلية لتصنيف الدين الإسرائيلي من “مستقر” إلى “سلبي”، مما ساهم في زيادة تكاليف الاقتراض وزيادة المخاوف بشأن ضعف الاقتصاد بشكل دائم.

أما في قطاع السياحة، فقد كانت الخسائر ضخمة أيضًا. وفقًا لبيانات وزارة السياحة، وسجّلت إسرائيل خسارة تقدر بحوالي 5.04 مليار دولار بسبب انخفاض السياحة الدولية، بالإضافة إلى خسارة إضافية قدرها 756 مليون دولار مرتبطة بالسياحة الداخلية.

التأثيرات النفسية والاجتماعية على الاقتصاد

لا يمكن إغفال التأثيرات السلبية العميقة التي تتركها الحالة النفسية والاجتماعية على اقتصاد الكيان. في مجال علم النفس الاقتصادي والسلوكي، توجد علاقات ثابتة بين نفسية المستثمرين والعمال والنمو الاقتصادي بعد حدوث أزمة أو حرب.

عندما يعاني العمال من حالة عدم اليقين أو القلق بشأن وظائفهم ومستقبلهم المالي، تنخفض معنوياتهم بشكل كبير، مما يؤدي إلى تراجع في إنتاجيتهم. وهذا التراجع في الفعالية يبطئ من عملية التعافي الاقتصادي.

من جهة أخرى، تتأثر قرارات المستثمرين بشكل مباشر بالحالة النفسية السائدة. شعورهم بالخوف وعدم اليقين يدفعهم إلى التخلي عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية واللجوء إلى خيارات أكثر أمانًا. هذا التحول يؤدي إلى نزوح رؤوس الأموال، مما يعمق الأزمة الاقتصادية من خلال إبطاء تدفقات الاستثمار الحيوية للتعافي.

الحرب الأخيرة في 7 أكتوبر، وما صاحبها من اضطرابات سياسية واجتماعية، وضعت الكيان الإسرائيلي في حالة هشاشة تزيد من صعوبة التعافي الاقتصادي..

إن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إسرائيل بعد 7 أكتوبر عميقة ولا يمكن تجاهلها، خاصة في ظل السياق السياسي المتقلب وزيادة انعدام الأمن. هذه الخسائر، سواء كانت تتعلق بالكلفة المباشرة للحرب أو بتأثيراتها على القطاعات الإنتاجية الرئيسية، ستترك آثارًا طويلة الأمد.

الطريق نحو إعادة بناء الاقتصاد سيظل صعبًا، مما يبرز النجاح النسبي للمقاومة في تحقيق أبرز أهدافها، وهو ما سيكون له تأثير كبير على استمرارية الكيان في المنطقة.