story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

الأخصائي الاجتماعي في المؤسسات التعليمية.. إطار يطالب فقط بأداء مهامه.. لا أكثر

ص ص

تزامنا مع انطلاق الدراسة في مختلف المؤسسات التعليمية، يطرح النقاش حول فئة الأخصائيين الاجتماعيين، التي أحدثتها وزارة التربية الوطنية، وعن الدور الذي تلعبه في المؤسسات التعليمية المغربية، و ظروف اشتغالها.

عرفت المدرسة المغربية العديد من المشكلات الاجتماعية والتربوية والبنيوية، كالهدر المدرسي والشغب واستهلاك المخدرات وسوء التدبير الإداري، مما تطلب تشخيص واقع الحياة المدرسية بالمغرب والتدخل من أجل إيجاد حلول لمختلف المشكلات التي تعرفها المدرسة المغربية.

وكان تقرير للمجلس الأعلى للحسابات r] سجل ارتفاعا لنسب الهدر المدرسي في السلك الابتدائي على الصعيد الوطني من 2.1 في المائة في الموسم الدراسي 2019-2020 إلى 2.9 في المائة في موسم 2020-2021، خاصة بعد اعتماد نمط التعليم عن بعد، كما سجل التقرير ارتفاعا في نسب الهدر المدرسي همت السلك الثانوي الإعدادي.

ولهذا كان لزاما على المتدخلين في القطاع فتح المجال أمام عدة تخصصات علمية أو علم- مهنية لتشخيص وعلاج هذه المشكلات، ومن أبرز هذه التخصصات علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية والمساعدة الاجتماعية.

في هذا السياق تحديدا، فتحت الوزارة المعنية المجال أمام الملحقين الاجتماعيين باعتبارهم المعنيين بالتخصصات السالفة الذكر من أجل تفعيل المساعدة والمواكبة الاجتماعية داخل الوسط المدرسي، وخاصة بالنسبة للتلاميذ. بحيث كان أول فوج متخرج سنة 2020 أي تاريخ فتح المباراة لأول مرة في وجه الملحقين الاجتماعيين، وفي سنة 2021 كانت مباراة الفوج الثاني.

الدعم الاجتماعي.. حاجة ملحة للتلاميذ

يتحدث محمد ابن طالب، أخصائي اجتماعي، عن الأدوار المحورية التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي داخل المؤسسات التعليمية، خاصة بعد انتهاء جائحة كوفيد- 19 وما رافقها من تداعيات نفسية على التلاميذ، حيث ذكر أن المهمة الأساسية للأخصائي الاجتماعي هي خلق علاقة أفقية مع التلميذ، يطبعها القرب والصداقة والثقة المتبادلة، ما من شأنه تكسير الجليد الموجود بين التلاميذ والإدارة.

وذكر ابن طالب أن مهام الأخصائي الاجتماعي ترتكز أساسا على إجراء مقابلات فردية أو جماعية مع التلاميذ، بناء عليها يتم إنجاز برنامج تدخلي علمي، يتيح إمكانية مواكبة وضعية كل تلميذ على حدة، حيث شرح المتحدث أنه يتم التصرف بشكل فردي في بعض الحالات الداخلية.

لكن حينما يتعلق الأمر بحالات تتطلب تدخلا من خارج المؤسسة، آنذاك، يعمل الأخصائيون على التواصل مع أخصائيين نفسيين أو فعاليات المجتمع المدني، خاصة وأن معظم المشاكل التي يعانيها التلاميذ تنتج أساسا عن مشاكل اجتماعية مادية. كما يتم في بعض الحالات، اللجوء إلى أسر التلاميذ، في حالة ما إذا كان المشكل الذي يؤثر على التلميذ نابعا من الأسرة.

مهام غير واضحة

ينص النظام الأساسي الخاص بوزارة التربية الوطنية، في مادته 15، على أن مهام إطار الأخصائي الاجتماعي محددة في المواكبة النفسية والصحية للمتعلم والمساهمة في تدبير الأنشطة المرتبطة بالحياة المدرسية والمساهمة في تدبير الصحة المدرسية والتواصل مع الأسر ثم المساهمة في الأنشطة التربوية والأنشطة الموازية المتعلقة بالمجال الاجتماعي.

إلا أن الأخصائيين الاجتماعيين لا زالوا يعيشون أوضاعا صعبة في المؤسسات التعليمية تعيق أداء مهامهم بالشكل الذي يتطلعون إليه، حيث رصد ابن طالب حجم المشاكل التي تواجههم في عملهم، حيث قال “إن الوزارة لم توضح لمديري المؤسسات الأدوار المنوطة بالأخصائي الاجتماعي، ما دفع بعض المديرين إلى دفع الأخصائيين الاجتماعيين لأداء مهام أخرى وملء وظائف شاغرة مثل مهمة المقتصد أو الحارس العام، ذلك تحت ذريعة سد الخصاص في الموارد البشرية.

وأدت هذه الاصطدامات بين مديري المؤسسات والأخصائيين الاجتماعيين بالكثير منهم إلى الانسحاب من عملهم، تحت الضغط الرهيب الذي تعرضوا له من طرف المديرين، وكما يشرح الأخصائي ذاته، فالضغط وصل في بعض المؤسسات إلى عدم توفير الفضاء اللازم الذي يحتاجه الأخصائي النفسي لأداء مهمته، أو منحهم مكاتب مشتركة مع الحراس العامين، ما يؤثر بشكل مباشر على مسألة السرية وضمان الثقة بين الطرفين، موضحا أن “مهمة الاستماع والإنصات لمشاكل التلاميذ تتطلب توفير فضاء من الخصوصية، تحفظ فيه أسرار كل تلميذ على حدة”.

تجربة جديدة.. تتطلب الوعي بأهميتها

في البداية، كانت هناك صعوبة في إقناع التلاميذ وأولياء أمورهم بالدور الذي يقوم به الأخصائي الاجتماعي وأهميته في مساعدة التلاميذ على تجاوز المشاكل التي تواجههم، خاصة أنها تجربة حديثة في المؤسسات التعليمية المغربية.

لكن ابن طالب أكد أن الإقبال على الأخصائي الاجتماعي يعرف تزايدا مستمرا، نظرا لارتفاع وعي التلاميذ بأهمية الجانب النفسي في العملية التعليمية سواء في الحاضر أو في المستقبل، كما أن أولياء أمور التلاميذ باتوا يلجأون إلى الأخصائي الاجتماعي، ويثقون في قدرته على الوصول إلى التلميذ وفهم المشاكل التي يعانيها، والعمل على إيجاد حلول تحد من تطورها.

وأضاف ابن طالب أن هذا الوعي يجب أن يشمل الأطر التربوية كذلك، حيث يجب أن تدرك أن المهام التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي من شأنها أن تكمل الأدوار الأخرى المناطة بالمؤسسة، وأن تعزز العمل الجماعي الذي يخدم مصلحة التلميذ.

احتجاجات مستمرة

منذ تعيين الفوج الأول من الأخصائيين الاجتماعيين سنة 2020، وهذه الفئة تخوض مسارا احتجاجيا طويلا، حيث تم تنظيم وقفات احتجاجية أمام مختلف الأكاديميات ووزارة التربية الوطنية، شملت بالأساس مقاطعة كافة المهام التي تم تكليفهم بأدائها في حين أنها بعيدة عن اختصاصهم. كما احتج الأخصائيون الاجتماعيون على سعي بعض رؤساء المؤسسات إلى فرض جدول عمل إداري خاص بأطر الإدارة المدرسية أي 38 ساعة، “دون وجود سند قانوني يسمح بذلك”.

وتزامنا مع الدخول المدرسي الحالي، طالبت اللجنة الوطنية للأطر المختصة بالمغرب، الوزارة باحترام المرسوم 2.24.140 وبالتعجيل بتعديل المقرر الوزاري 016.24 بخصوص تواريخ توقيع محاضر الدخول والخروج للأخصائيين التربويين والأخصائيين الاجتماعيين، ودعت إلى مقاطعة كل التكاليف بالإدارة التربوية إلى حين تصحيح الوضع.

*وداد بنمومن