story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

أنشيلوتي يتذكر جنسيته الإيطالية!

ص ص

شاهدنا مرة أخرى من خلال مباراة مانشستر سيتي وريال مدريد برسم إياب ربع نهاية التشامبيينس ليݣ، كيف أن كرة القدم المعاصرة أصبحت لعبة أخرى تختلف كليا عن التي عشناها سابقا، حيث انتقلت فيها المتعة من المهارات الفردية للاعبين إلى متعة الأداء الجماعي و”فن” التكتيك وخطط إيقاف الخصم وتوزيع اللاعبين على رقعة الميدان، والتحكم في الإيقاع والقيام بالتغييرات المدروسة.

مباراة ليلة الأربعاء بملعب الاتحاد بمدينة مانشستر أعطتنا مجددا درسا بالغ الأهمية رغم أنه كان يتردد في جملة قديمة تبدو مغرقة في النمطية، وهي أنه في كرة القدم السيطرة لا تعني الانتصار، وأن امتلاك الكرة لا يعني سهولة الوصول إلى الشباك، وأن التفاصيل الصغيرة التي تُبنى على الحظ والأشياء غير المتوقعة، لازالت تحتفظ بحيز كبير لها حتى في المستويات الإحترافية العليا لكرة القدم.

مانشستر سيتي مع مدربه “الفيلسوف” و”العبقري” و”مجدد كرة القدم” بيب غوارديولا سيطروا بالطول والعرض على مباراتهم ضد ريال مدريد طيلة 120 دقيقة، وامتلكوا الكرة كعادة “الحمض النووي” للمدرسة التي تشبع منها المدرب الكطلاني، وساعده في ذلك وجود كوكبة هائلة من أبرز نجوم العالم في التشكيلة الأساسية كما في كراسي الإحتياط.. سيطروا خلال المباراة ومرروا وقذفوا ولعبوا الأخطاء القريبة والركنيات، وجربوا الكرات العالية والمثلثات القصيرة بحثا عن الإختراق، لكن بدون فعالية.

في الجانب الآخر من كراسي الاحتياط كان يقف “العجوز” المخضرم الإيطالي كارلو أنشيلوني، الذي استوعب درس الموسم الماضي جيدا وفهم أن الخروج للعب المفتوح وفرض إيقاعك على ماكينة رهيبة من حجم مانشستر سيتي، سينتهي بإذلالك بنتيجة مخجلة أمام لاعبين لا يرحمون، لذلك نسي “العم كارلو” أنه مدرب لعملاق تاريخي من حجم ريال مدريد مفروض فيه نظريا أن يفرض شخصيته في أي مباراة، والتجأ إلى البحث في دولاب بلاده القديم عن المميزات التي صنعت منهم لقب “وزراء الدفاع” وعاد إلى أصله الكروي ووضع لاعبيه أمام فريق غوارديولا بطريقة ” الكاتناشيو” الشهيرة التي يقول واضعها نيريو روكو أنها تشبه إحكام الأقفال ورمي المفاتيح..

رغم أن الكثير من جمهور كرة القدم لايجد أي متعة في مشاهدة فريق “راجع اللور” ويغلق اللعب ويضيق المساحات ويفرض الرقابة اللصيقة على المهاجمين، إلا أنها (وبخلاف اعتقاد هؤلاء)، فهي الطريقة الأصعب لربح المباريات، وأعقد في التطبيق من الخطط الهجومية، ولها متعتها في متابعة كيفية الفوز “بدون كرة” وما يتطلبه ذلك من مجهود بدني وذهني خارق في مجاراة الضغط العالي للخصم واستخلاص الكرة والهجمات الخاطفة، خصوصا الخصوم من عيار مانشستر سيتي الذين يدوخون أعتى خطوط الدفاع بكثرة استحواذهم على الكرة وتكرار التمريرات والإختراق بالمثلثات الصغيرة.

التاريخ يسَجَّل فيه فقط من فاز بالمباريات، ومن أحرز اللقب، وينسى من لعب جيدا ومن امتلك الكرة بنسبة كبيرة، ومن صنع الكثير من محاولات التسجيل.. هي الواقعية التي أصبحت تفرضها كرة القدم الحديثة التي تبحث بشكل جنوني عن الفوز أولا، أما الطريقة فلا تهم.. ولا أحد في المستقبل سيذكر أن مانشستر سيتي في موسم 2023-2024 لعب جيدا ضد ريال مدريد وكان يستحق المرور إلى نصف النهاية.. بل سيقول الجميع إنه في هذا الموسم ريال مدريد أقصى مانشستر سيتي في عقر داره من المرور بعد ان انتصر عليه بضربات الجزاء .. وكفى.