ألم الإبعاد ينغص فرحة الإفراج على زوجة أكبر سجين فلسطيني في السجون الإسرائيلية
تبددت فرحة إيمان نافع بالإفراج عن زوجها نائل البرغوثي من سجن إسرائيلي في إطار اتفاق الهدنة بين حركة المقاومة الإسلامية -حماس- وإسرائيل، الذي بدأ تطبيقه الأحد 19 يناير 2025، حين علمت أن اسمه مدرج مع الذين سيبعدون عن الأراضي الفلسطينية.
أمضى البرغوثي (68 عاما) قرابة 44 عاما في السجون الإسرائيلية، من ضمنها 34 سنة متواصلة، إذ أعيد اعتقاله في العام 2014 بعد أن أفرج عنه في صفقة تبادل سابقة بين إسرائيل وحركة حماس في العام 2011، ما يجعله المعتقل الذي أمضى أكبر عدد سنوات في السجون الإسرائيلية، وفق نادي الأسير الفلسطيني.
يوم قرأت اسمه على اللائحة التي نشرتها وزارة العدل الإسرائيلية وتضمنت مئات أسماء المعتقلين الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق مقابل 33 رهينة خطفوا في السابع من أكتوبر 2023 من إسرائيل إلى قطاع غزة، شعرت إيمان نافع “بفرح كبير”.
كانت أمضت أياما وهي تترقب هذا الإعلان تعيد تزيين المنزل، فتعلق صورا لزوجها هنا وهناك، بعضها وهو في الثامنة عشرة من عمره، وأخرى وهو في الستينات، وجميعها وهو داخل السجن.
لكن الحماس تبدد حين تبين لها أن زوجها سيكون من ضمن المبعدين إلى خارج الأراضي الفلسطينية، وفق القائمة الإسرائيلية.
وتقول لوكالة فرانس برس “طبعا، أصبت بالحزن الشديد، لأنني كنت أنتظر بفارغ الصبر، ولم أتوقع أن يخضع نائل لعقوبة جديدة بإبعاده عن وطنه وعن أرضه. أعتقد أن هذه هي أقسى عقوبة في التاريخ”.
لكنها تضيف أن قرار الإبعاد “مرفوض من جانبنا. أنا متأكدة أن نائل سيرفضه، وسيفضل البقاء في السجن على أن يخرج”.
وتتابع “تخيل إنسانا أمضى 44 عاما في السجن، تفرض عليه عقوبة جديدة بإبعاده عن أهله وبلده ووطنه ومكانه الذي عاش فيه”.
وينص اتفاق الهدنة الذي بدأ سريانه الأحد بعد أكثر من 15 شهرا على حرب مدمرة شنها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، على أن تطلق الدولة العبرية في المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق قرابة 1900 معتقل فلسطيني من سجونها مقابل الرهائن ال33.
واسم نائل البرغوثي وارد على اللائحة، وهو محكوم بالسجن المؤبد بتهمة قتل ضابط إسرائيلي، وتنفيذ هجمات على مواقع إسرائيلية.
وتضم اللائحة أسماء أكثر من 230 فلسطينيا محكومين بالسجن المؤبد سيطلق سراحهم على أن يتم إبعادهم بصورة دائمة.
ولم تذكر وجهة الإبعاد. إلا أن مصدرين في حماس واكبا المفاوضات حول الهدنة، تحدثا عن تركيا وقطر.
وتم الأحد الإفراج عن ثلاث إسرائيليات كن محتجزات في قطاع غزة مقابل تسعين معتقلا فلسطينيا من سجون إسرائيلية، غالبيتهم من النساء والأطفال. ويفترض أن تستكمل عمليات الإفراج للمرحلة الأولى من الاتفاق خلال الأسابيع الست القادمة.
اعتقل نائل البرغوثي في العام 1978، وكان ينتمي حينها إلى حركة فتح.
أفرج عنه في صفقة التبادل تمت عام 2011 بين حماس وإسرائيل وشملت الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كان محتجزا لدى حماس، مقابل 1027 فلسطينيا.
وعندما أعيد اعتقاله في العام 2014 بتهمة التحريض، استؤنف تطبيق حكم المؤبد السابق عليه، وفق ما تقول زوجته.
وتقول مؤسسات فلسطينية إن بين المعتقلين الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم ضمن الصفقة الحالية، 47 كان أطلق سراحهم في ما عرف بصفقة شاليط 2011، قبل أن يعاد اعتقالهم.
في السجن، انتقل ولاء نائل البرغوثي من حركة فتح إلى حركة حماس التي خاضت في العام 2007 نزاعا داميا مع فتح انتهى بخروج هذه الأخيرة من قطاع غزة وتفردت حماس بالسيطرة عليه.
واعتقلت إيمان نافع بدورها العام الماضي لمدة ثلاثة أشهر، في إطار حملة اعتقالات في الضفة الغربية على خلفية الحرب في قطاع غزة، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تدخل فيها السجن.
وتروي أنها اعتقلت في العام 1987 في خضم الانتفاضة الفلسطينية، “بتهمة مقاومة الاحتلال”، كما تقول، وبقيت في السجن عشر سنوات.
يومها شاهدها نائل البرغوثي من سجنه عبر شاشة تلفزيون إسرائيلي، فقر ر الزواج بها عند الإفراج عنه.
وتقول “لم أكن أعرف بذلك حتى. بعد أن أطلق سراحي في العام 1997، أرسل أهله لطلبتي، لكن لظروف خاصة لم يتم ذلك”.
وتتابع “لم أكن قد رأيت نائل سابقا. التقينا حين حرر في العام 2011. بعد شهر من إطلاق سراحه، تم الزواج.. لكننا لم نعش مع بضعنا سوى 32 شهرا، إذ اعتقل مجددا”.
وتروي نافع “يوم زواجنا، كان عرسا وطنيا. الجميع فرحوا فينا. كان تعبيرا عن أمل في اللقاء والحرية”.
بعد الإفراج عنه، فرضت إسرائيل على البرغوثي الإقامة الجبرية في بلدته كوبر في شمال رام الله في الضفة الغربية المحتلة. كان في تلك الفترة يهتم بحديقة منزله التي زرع فيها شجر البرتقال والزيتون. وتقول نافع إنها تنتظره “ليأكل من ثمر الشجر الذي زرعه”.
ثم تضيف “صار عمره 68 عاما. هذا أكبر ظلم”.