story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أفلام |

من هو جيل بيرو صاحب كتاب “صديقنا الملك”

ص ص

توفي يوم أمس الخميس الصحافي والكاتب الفرنسي جيل بيرو عن عمر يناهز 92 عاما. جيل بيرو لم يكن كاتبا عاديا برصيد من الكتب والمؤلفات التي تنسى حينما يغادر أصجابها. بل على العكس من ذلك تماما. له كتب تحمل آراءا ومواقفا فارقة.

جيل بيرو أو الرجل المزعج للأنظمة والحكام ،اسمه الحقيقي جاك بيرو، ولد سنة 1931 بفرنسا وكبر وسط عائلة بورجوازية محافظة. بدأ حياته الأولى محاميا لكنه سرعان ما انعطف نحو الكتابة من بوابة الصحافة ثم الأدب لاحقا. كتب مع العديد من المجلات والجرائد وكان قلمه في كل تلك التجارب حادا ومثيرا للجدل.

أول كتاب نشره بيرو في مسيرته كان عن العالم العربي. وكان تحقيقا بحث فيه عن أسباب وخلفيات اغتيال  فرنسا للناشط الشيوعي وأحد قادة حركة الشيوعية في مصر هنري كوريل.

ثم أصدر كتابا آخرا أحدث ضجة كبيرة في الوسط الفرنسي. تحت عنوان “Le Pull-Over rouge”. وكان عملا استقصائيا، خلق جدلا واسعا بفرنسا حول عقوبة الإعدام. فتحقيق بيرو في قضية “كريستيان رانوتشي” الذي كان قد حكم بالإعدام في تهمة قتل فتاة صغيرة. أدى هذا التحقيق إلى إثارة النقاش حول عقوبة الإعدام وارتفعت في تلك الأثناء أصوات تطالب بإعادة محاكمة المتهم. وهو الأمر الذي لم يتحقق. لكن استقصاء جيل بيرو حقق تغييرا أكبر حينما قررت فرنسا سنة 1981 إلغاء عقوبة الإعدام أخيرا.

اشتهر جيل بيرو في المغرب من خلال كتابه “صديقنا الملك” الذي أصدره عام 1990 وآثار فور صدوره أزمة دبلوماسية كبيرة بين المغرب وفرنسا.قدم الكتاب تقيما قاسيا لحصيلة ثلاثين عاما من حكم الملك الراحل الحسن الثاني. لم بيرو يترك أي تفصيل دون أن  يأتي على ذكره. حكى عن القصور وعن الوضع السياسي في المغرب آنذاك وعن المعتقلين في السجون وعن التعذيب والاختطاف التعسفي وعن المهمشين وكل الانتهاكات المرتكبة في حقوق الإنسان.

جاء في مقدمة الكتاب “القارئ قليل الإلمام بالوقائع المغربية، سيكتشف فيه بذهول أن السلطة تتركز أكثر من أي وقت مضى في القصر الملكي، بين يدي الملك ونحو عشرة من أصدقائه، إلى درجة أن الموظفين الكبار والوزراء أنفسهم يتقلص دورهم إلى مجرد أشخاص ثانويين”.

يقول جيل بيرو في حواراته حينما يسأل عن سبب إصداره هذا الكتاب بالتحديد بالرغم من أنه لم يلتق الملك في حياته ” هذا الكتاب هو من طلب مني أن أكتبه. أنا لا أجلس على الكرسي وأتساءل عما سأكتبه، هنالك كتب تفرض نفسها عليك تماما كالكوارث وكنت أعرف المغرب منذ زمن بعيد حتى منذ زمن الوصاية الفرنسية عليها قبل الاستقلال”.

أما عن فكرة الكتابة فانبثقت عنده حينما راسله أحد المعتقلين السياسيين في السجون. كان شابا عشرينيا حكم عليه بالسجن عشرين عاما. يقول عنه بيرو  في أحد حواراته “حينما يسجن شاب صغير مدة عقدين من الزمن فقط لأنه وزع منشورات تحمل ما يؤمن به من أفكار مشروعة فإن ذلك حتما سيؤثر بك.. فكرت في أولادي هم أيضا كانوا مناضلين ووزعوا مناشرا ولكنهم كانوا أكثر حظا.. ولذلك قررت أن أكتب هذا الكتاب”.

بسبب “صديقنا الملك” تعرض جيل بيرو لتهديدات كثيرة ونجى من كل محاولات الاغتيال التي كانت تحاك ضده. لكن ابنه دفع ثمن مواقف والده حيث تعرض للاختطاف في لبنان من طرف جماعة مسلحة غير معروفة وتم إطلاق سراحه لاحقا بتدخل من الراحل ياسر عرفات.

سخر جيل بيرو حياته كلها للكتابة عن السجناء والمظلومين عبر العالم. كتب قصصهم وحكاياهم ولم يكن يعرف أنه كان يكتب بذلك قصته أيضا ويخلد اسمه كاتبا مزعجا يحمل آراء ومواقف لن تنسى.