story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

“إعمار بطيء وخيام طال أمدها”.. ترانسبرنسي المغرب: السنة الأولى بعد الزلزال عرفت تدبيراً متعثراً

ص ص

“نترجى أن لا تمطر السماء”. هكذا عبر فلاح من متضرري الزلزال في قرية أوناين بإقليم تارودانت عن خوف سكان المنطقة من حلول فصل الشتاء، وتساقطاته التي تفاقم معاناتهم تحت الخيام، وذلك “بالرغم من أن الموارد المائية ضرورية لأنشطتنا الزراعية والمعيشية نحن الفلاحين” يضيف المتحدث.

هي شهادة تضمنتها خلاصات تقرير رصد أعلنها مرصد برنامج إعادة البناء لمرحلة ما بعد زلزال الأطلس الكبير، التابع لجمعية ترانسبرانسي المغرب في ندوة صحافية بالرباط، اليوم الجمعة 13 دجنبر 2024، والتي خلصت إلى أن الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف السلطات العمومية لا ترقى إلى مستوى التوقعات والوعود المعلنة.

ولاحظ المرصد صعوبات في التنفيذ والتطبيق والشفافية والاتساق، ويقول “هي كلها علامات تدل على تدبير متعثر ميز السنة الأولى بعد الزلزال”.

واعتبرت جمعية ترانسبرانسي المغرب ذلك فشلاً “علماً أن استعمال هذه الكلمة ليس بمبالغ فيه”، حسب تعبيرها “إذا أدركنا الطموحات التي تم الإعلان عنها غداة الزلزال وما يعانيه 2.8 مليون نسمة من سكان هذه المناطق جراء هذا الوضع”، منبهة إلى أنهم “اضطروا إلى تحمل الظروف المناخية الصعبة للعام الثاني في انتظار تفعيل وانتعاش برنامج إعادة البناء”.

الخيام.. إيواء طال أمده

مع اقتراب فصل الشتاء الأول بعد الزلزال، كان توفير الإيواء المؤقت للضحايا هو الأولوية التي يجب الاهتمام بها، وسجل تقرير الرصد آنذاك تحركاً سريعاً من قبل الدولة عبر القوات المسلحة الملكية ومؤسسة محمد الخامس والسلطات المحلية لتلبية احتياجات الإقامة الطارئة للضحايا، وتزامنت هذه الجهود مع مبادرات المواطنين والجمعيات.

لكن التغطية لم تكن كافية، وفقاً لتقرير مرصد برنامج إعادة البناء لمرحلة ما بعد زلزال الأطلس الكبير “بحيث أن السكان كانوا في معظم الأحيان يديرون حلول الطوارئ بوسائلهم البسيطة”، وهو ما أدى إلى “بروز حركة احتجاجية من بينهم”.

وأشار التقرير إلى أن محاولات إعداد مواقع استقبال مجهزة بجميع وسائل الراحة المطلوبة لم تحقق النجاح المتوقع، مع قيام السلطة المحلية والقوات المسلحة الملكية بتوفير الخيام في عدة أقاليم لضمان أماكن الإقامة الطارئة، بحيث أنه “بصرف النظر عن الأيام الأولى للزلزال، فسرعان ما هجر السكان هذه الخيام التي أقيمت وسط الجماعات الترابية”، مفضلين العودة إلى للاستقرار بالقرب من منازلهم التي دمرت كلياً أو جزئياً، والبقاء بالقرب من أنشطتهم الفلاحية أو تربية المواشي”.

ولفتت جمعية ترانسبرانسي المغرب إلى أنه حتى الوحدات السكنية التي وفرتها المنظمات غير الحكومية بدءاً من فصل الشتاء في مناطق معينة، لم تنتشر على نطاق واسع، “إذ تظل الخيام هي المعدات غير المستقرة السائدة في جميع المناطق المتضررة”.

وعلى مدار الأسابيع ومع حلول فصل الشتاء في هذه المناطق الجبلية “عبر السكان المتضررون عن غضبهم على أماكن الإيواء التي لا تحترم كرامتهم”، وفقاً لتقرير الجمعية التي قالت إنه سبق لمراقبين أن “حذروا من هذا الوضع في وقت مبكر منذ 2024 يناير”، منبهة إلى أن ظروف الطقس البارد وهطول الأمطار والرياح “أدت إلى تعقيد حياة السكان المتضررين”.

إعادة البناء: أكثر من ألف أسرة لم تستفد

أما بشأن برنامج إعادة البناء، فسجل المرصد الخاص بهذا الشأن والتابع لجمعية ترانسبرانسي المغرب إنه يسير “بوتيرة بطيئة للغاية”، مشيراً إلى أنه “يواجه أيضاً صعوبات عملية وهيكلية”، كما أن التسلسل بين المراحل المختلفة (الشطر الأول، إعداد التصميم، الحصول على المواد، الشطر الثاني) “يشكل مصدر ارتباك وإحباط بين المستفيدين”.

وأوضح المصدر ذاته، أنه بينما تم صرف المساعدات السكنية في الشطر الأول لفائدة 97 في المائة من الأسر المحصاة، أي 57.703 أسر من أصل 95.438 أسرة، لم يتجاوز تسديد أقساط الشطر الثاني 44 في المائة، وأقساط الشطر الثالث 22 في المائة، في حين استفادت نسبة 3 في المائة من الأسر فقط من أقساط الشطر الرابع حتى تاريخ 2 أكتوبر 2024.

كما أفاد أن هذه الأرقام المجزأة لا تسمح بالحصول على فكرة دقيقة عن التطور حسب الجهة “لكنها تعطي تصوراً على التباطؤ في تسديد القسط الثاني والثالث والرابع، بعد اثني عشر شهراً من وقوع الزلزال”، لافتاً إلى أن معدلات الصرف “تظل منخفضة للغاية بالنسبة للشطرين الأخيرين (%3، %22)”، وهو ما يؤكد التأخير في مواقع البناء والصعوبات العملية في ضمان سلاسة سداد الأقساط لضحايا الكوارث، وفقاً للتقرير ذاته الذي يشدد على أن هذه الأخيرة “تواجه تضخماً مرتفعاً في أسعار مواد البناء والنقل”.

هذا ونبه التقرير إلى وجود 1783 أسرة محصاة لم تتلق حتى الدفعة الأولى بعد سنة من وقوع الزلزال، لافتاً إلى أنه على الرغم من أن هؤلاء المتضررين يمثلون 3 في المائة فقط من إجمالي السكان المستهدفين، إلا أن “هذه العائلات لا تزال تعيش في الخيام وفي ظروف صعبة للغاية”.

وذكر التقرير أنه بالرغم من الأرقام والمعطيات التي قدمتها الحكومة بعد اثني عشر شهراً من وقوع الزلزال، غير أنه بعد مرو عام كامل، لم يتجاوز عدد المنازل التي تمت إعادة بنائها 1000 وحدة سكنية، “وهو عدد منخفض للغاية، أو بالكاد يصل إلى 1.7% من الهدف المحدد”.

ويلخص هذا الرقم “تعثر برنامج إعادة الإعمار في هذه السنة الأولى”، حسب ترانسبرانسي المغرب، التي قالت إن هذه التعقيدات الإدارية واللوجستية والمالية “أثرت بشكل كبير على حسن سير هذا العنصر”، ما أدى إلى تأخير ركيزة برنامج إعادة الإعمار، “مما ولد شعوراً بخيبة الأمل لدى السكان مقارنة مع الوعود التي لم يتم الوفاء بها”.