story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

إسرائيل تسعى لتوسيع الحضور المغاربي ولقاءات سرية تجمعها بالموريتانيين

ص ص

رفع قطار التطبيع بين المغرب وإسرائيل بعد سنتين فقط من انطلاقه سرعته القصوى للوصول بالعلاقات إلى محطات متقدمة، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ووصلت ذروتها قبل شهرين مع تخطي العثرة الأخيرة، بإعلان إسرائيل اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء.

تلاحقت زيارات المسؤولين الإسرائيليين للرباط وتوالت اللقاءات المشتركة مع وزراء ومسؤولين مغاربة على مختلف المستويات، ووقعت الاتفاقيات في شتى المجالات بما فيها العسكرية التي تحظى بأهمية كبرى للمغرب، بما يؤكد تسارع وتيرة التطبيع بين البلدين، ليكون المغرب بذلك أول موطئ قدم لإسرائيل في المنطقة، بدأت بعده تكثف مساعيها لاقتحام قلاع مغاربية أخرى، منها ليبيا ثم موريتانيا مؤخرا، بما يجعل تونس والجزائر، آخر قلاع الممانعة للتسلل الإسرائيلي للمنطقة.

وفي ذات السياق، أفادت مصادر محلية في موريتانيا، حسب موقع “خنادق“، أن بعض المسؤولين الأمنيين من بينهم مستشار رئيس الجهاز الأمني مختار فوليد، التقوا مع ضباط مخابرات الإسرائيلية وأجروا محادثات سرية.

اللقاء المسرب مؤخرا، يعد الثاني خلال هذه السنة، حيث كان ثمة لقاءات مع كبار ضباط الأمن، خلال شهر مارس الماضي، تم تعيينهم من قبل مدير الأمن العام الموريتاني الفريق “مسقار ولد سيدي”، في منزل حاكم الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، وكان ديفيد ميدان، المعروف بـ “وزير خارجية نتنياهو الرئيسي” والوسيط الرئيسي للتطبيع، من بين ضباط المخابرات الإسرائيليين الحاضرين للقاء، وسط تمسك موريتاني بالتكتم على هذه اللقاءات، وهو ما يفسر عدم موافقة الوفد الموريتاني على عقد اللقاء في فندق “الديار مينا” في أبو ظبي، بهدف إبقاء هامش لإمكانية نفي الخبر وتكذيبه أمام الرأي العام الموريتاني.

وخلال نفس الشهر، تقول صحيفة “الأخبار” الموريتانية، إن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين تقدم بطلب رسمي لألمانيا من أجل التدخل لدى النظام الموريتاني لمساعدة بلاده في “إقامة علاقات مع موريتانيا والنيجر”، وذلك بالتزامن مع زيارة أجرتها مساعدة وزير الخارجية الألماني كاتيا كول للعاصمة الموريتانية نواكشوط، أجرت خلالها مباحثات مع عدد من المسؤولين الموريتانيين.

 

على المستوى الرسمي في موريتانيا، وعلى الرغم من أن عين الولايات المتحدة والكيان عليها منذ البدء باتفاقيات أبراهام عام 2019، إلا أن السلطات الموريتانية نفت أن ثمة لقاءات أو محادثات حول هذا الموضوع.
وبالتزامن مع حديث وسائل الاعلام لأخبار اللقاءات بين المسؤولين الموريتانيين ونظرائهم الإسرائيليين في الإمارات، نفت الحكومة الموريتانية، وجود أي اتصالات مع إسرائيل أو تحضير للتطبيع معها

وقال النافي ولد أشروقة، الناطق باسم الحكومة، في ندوة صحافية عقدها شهر مارس الماضي: “لا توجد أي اتصالات بين موريتانيا وإسرائيل، ولا نحضر للتطبيع مع إسرائيل”، لافتا إلى أن الحكومة الموريتانية “لا تهتم بتتبع وتكذيب ما ينشر في الإعلام الدولي”.

وفي الواقع، كانت موريتانيا ثالث دولة عربية تعترف بإسرائيل سنة 1999، مع الرئيس معاوية ولد الطايع وبدأت العلاقات الدبلوماسية منذ ذلك الحين، لتصبح بذلك موريتانيا واحدة من الركائز الأولى والأكثر أهمية للسياسات الإسرائيلية في إفريقيا، لكن تم تجميد العلاقات خلال ولاية الرئيس محمد ولد عبد العزيز عام 2009 كردة فعل على حرب غزة.

ورغم أن التاريخ يحفظ ذكرى عشر سنوات من العلاقات الدبلوماسية والتجارية الكاملة بين إسرائيل وموريتانيا، إلا أن الشعب الموريتاني لم يكن مرتاحا أبدا للعلاقات، إذ بدأت التوترات بين الحكومة والشعب منذ بداية افتتاح السفارتين، ثم جاءت عملية “الرصاص المصبوب” لتجمد العلاقات قبل أن تقطعها أخيرا بسبب الضغط الشعبي الرافض لإسرائيل.

الرفض لم يكن شعبيا فقط، وإنما عسكري وسياسي للتطبيع مع إسرائيل، وهو ما سبق وأكده عدد من الشخصيات منهم صالح ولد حننا، الضابط السابق والسياسي ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني، والذي أكد أن التطبيع كان هو السبب الأبرز وراء محاولة الانقلاب الأولى على الرئيس ولد الطايع سنة 2003.

في شهر دجنبر من سنة 2020، عندما أعلن المغرب عن تطبيع علاقاته مع إسرائيل، تجنبت الحكومة الموريتانية التعليق بشكل رسمي على الموضوع، إلا أن أحزاب وشخصيات موريتانية معروفة، أصدرت مواقف وبلاغات رافضة للخطوة، كان أولها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية إسلامي “تواصل” وهو ثاني أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان الموريتاني، أصدر بلاغا في فجر اليوم الموالي لتوقيع المغرب لاتفاقية التطبيع، وعبر عن إدانته لقرار السلطات المغربية، معتبرا القرار “طعنة لقضية فلسطين، وإسهاما في تصفيتها”.

إلى جانب موقف الحزب الإسلامي وغيره من الفاعلين السياسيين، كان بارزا موقف واحد من أبرز علماء الدين الموريتانيين في العالم الإسلامي، وهو الشيخ الحسن ولد الددو، والذي انتقد تطبيع المغرب مع إسرائيل، وتجند لإطلاق مبادرة حصلت على دعم 200 من العلماء والأئمة الموريتانيين، للتوقيع على فتوى تحرم التطبيع مع إسرائيل وتعتبر العلاقة مع “الكيان الغاصب لأرض فلسطين والمحتل لبيت المقدس وأكنافه حرام ولا تجوز بأي حال”.

في مقابل الحديث عن مسار التطبيع، تحفظ موريتانيا علاقات مع المعسكر المناهض له كذلك، ونه علاقتها مع إيران، حيث استقبلت قبل أشهر حسين أمير عبد اللهيان وجمعته لقاءات بعد ذلك بوزير الخارجية الموريتاني على هامش مؤتمرات دولية، كما تحفظ موريتانيا بعلاقات ود مع النظام السوري، وكان برلمانيوها من أول الوفود العربية التي فكت الحصار المفروض على النظام السوري، بإجراء زيارات رسمية لدمشق.

وعلى الرغم من حالة الرفض الشعبي للتطبيع في موريتانيا، وهي نفس الحالة التي كان يعيشها المغرب إلى وقت قريب، وسعي موريتانيا لتنويع الشركاء والحلفاء لضمان توازن في مواقفها، تبقى البلاد التي يضم تاريخها عقدا من التطبيع مع اسرائيل، قابلة لدخول نادي المطبعين العرب.